Page 234 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 234
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
بل ھو يجمعه ھونا ،ومن حلال ..ثم لا ينعم به وحده ..بل ينعم به معه أھله ورحمه واخوانه ومجتمعه
كله.
ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال:
" أھل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله.
" ثلث يقرضھم..
وثلث يقضي عنھم ديونھم..
وثلث يصلھم ويعطيھم"..
ولم كن ثراؤه ھذا ليبعث الارتياح لديه والغبطة في نفسه ،لو لم يم ّكنه من مناصرة دينه ،ومعاونة
اخوانه.
أما بعد ھذا ،فقد كان دائم الوجل من ھذا الثراء..
جيء له يوما بطعام الافطار ،وكان صائما..
فلما وقعت عيناه عليه فقد شھيته وبكى وقال:
" استشھد مصعب بن عمير وھو خير مني ،فكفّن في بردة ان غطت رأسه ،بدت رجلاه ،وان غطت
رجلاه بدا رأسه.
واستشھد حمزة وھو خير مني ،فلم يوجد له ما يمفن فيه الا بردة.
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ،وأعطينا منھا ما أعطينا واني لأخشى أن نكون قد ع ّجلت لنا حسناتنا"!!..
واجتمع يوما نع بعض أصحابه على طعام عنده.
وما كاد الطعام يوضع أمامھم حتى بكى وسألوه:
ما يبكيك يا أبا محمد..؟؟
قال:
" لقد مات رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،وما شبع ھو وأھل بيته من خبز الشعير..
ما أرانا أخرنا لم ھو خير لنا"!!..
كذلك لم يبتعث ثراؤه العريض ذرة واحدة من الصلف والكبر في نفسه..
حتى لقد قيل عنه :انه لو رآه غريب لا يعرفه وھو جالس مع خدمه ،ما استطاع أ ،يميزه من بينھم!!..
لكن اذا كان ھذا الغريب يعرف طرفا من جھاد ابن عوف وبلائه ،فيعرف مثلا أنه أصيب يوم أحد بعشرين
جراحة ،وان احدى ھذه الاصابات تركت عرجا دائما في احدى ساقيه ..كما سقطت يوم أحد بعض ثناياه.
فتركت ھ ّما واضحا في نطقه وحديثه..
عندئذ لا غير ،يستطيع ھذا الغريب أن يعرف أن ھذا الرجل الفارع القامة ،المضيء الوجه ،الرقيق
البشرة ،الأعرج ،الأھتم من جراء اصابته يوم أحد ھو عبدالرحمن بن عوف!!..
رضي ﷲ عنه وأرضاه..
**
لقد ع ّودتنا طبائع البشر أن الثراء ينادي السلطة...
أي أن الأثرياء يحبون دائما أن يكون لھم نفوذ يحمي ثراءھم ويضاعفه ،ويشبع شھوة الصلف
والاستعلاء والأنانية التي يثيرھا الثراء عادة..
234