Page 232 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 232
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وھو الثري ،أكثر ما يكون الثراء وفرة وافراطا..
وھو المؤمن الأريب ،الذي يأبى أن تذھب حظوظه من الدين ،ويرفض أن يتخلف به ثراؤه عن قافلة
الايمان ومثوبة الجنة ..فھو رضي ﷲ عنه يجود بثروته في سخاء وغبطة ضمير!!..
**
متى وكيف دخل ھذا العظيم الاسلام..؟
لقد أسلم في وقت مبكر جدا..
بل أسلم في الساعات الأولى للدعوة ،وقبل أن يدخل رسول ﷲ دار الأرقم ويتخذھا مقرا لالتقائه بأصحابه
المؤمنين..
فھو أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام..
عرض عليه أبوبكر الاسلام ھو وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد ﷲ وسعد بن أبي
وقاص ،فما غ ّم عليھم الأمر ولا أبطأ بھم الشك ،بل سارعوا مع الص ّديق الى رسول ﷲ يبايعونه
ويحملون لواءه.
ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره ،وھو نموذج باھر للمؤمن العظيم ،مما جعل
النبي صلى ﷲ عليه وسلم يضعه مع العشرة الذين ب ّشرھم بالجنة ..وجعل عمر رضي ﷲ عنه يضعه مع
أصحاب الشورى الستة الذين جعل الخلافة فيھم من بعده قائلا ":لقد توفي رسول ﷲ وھو عنھم راض".
وفور اسلام عبدالرحمن بن عوف حمل حظه المناسب ،ومن اضطھاد قريش وتح ّدياتھا..
وحين أمر النبي صلى ﷲ عليه وسلم أصحابه بالھجرة الى الحبشة ھاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة ،ثم
ھاجر الى الحبشة في الھجرة الثانية ثم ھاجر الى المدينة ..وشھد بدرا ،وأحدا ،والمشاھد كلھا..
**
وكان محظوظا في التجارة الى ح ّد أثار عجبه ودھشه فقال:
" لقد رأيتني ،لو رفعت حجرا ،لوجدت تحت فضة وذھبا"!!..
ولم تكن التجارة عند عبدالرحمن بن عوف رضي ﷲ عنه شرھا ولا احتكارا..
بل لم تكن حرصا على جمع المال شغفا بالثراء..
كلا..
انما كانت عملا ،وواجبا يزيدھما النجاح قربا من النفس ،ومزيدا من السعي..
وكان ابن عوف يحمل طبيعة جيّاشة ،تجد راحتھا في العمل الشريف حيث يكون..
فھو اذا لم يكن في المسجد يصلي ،ولا في الغزو يجاھد فھو في تجارته التي نمت نموا ھائلا ،حتى أخذت
قوافله تفد على المدينة من مصر ،ومن الشام ،محملة بكل ما تحتاج اليه جزيرة العرب من كساء وطعام..
ويدلّنا على طبيعته الجيّاشة ھذه ،مسلكه غداة ھجر المسلمين الى المدينة..
لقد جرى نھج الرسول يومئذ على أن يؤاخي بين كل اثنين من أصحابه ،أحدھما مھاجر من مكة ،والآخر
أنصاري من المدينة.
232

