Page 233 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 233
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وكانت ھذه المؤاخات تم على نسق يبھر الألباب ،فالأنصاري من أھل المدينة يقاسم أخاه المھاجر كل ما
يملك ..حتى فراشه ،فاذا كان تزوجا باثنين طلق احداھما ،ليتزوجھا أخوه!!..
ويومئذ آخى الرسول الكريم بين عبدالرحمن بن عوف ،وسعد بن الربيع..
ولنصغ للصحابي الجليل أنس بن مالك رضي ﷲ عنه يروي لنا ما حدث:
" ..وقال سعد لعبدالرحمن :أخي ،أنا أكثر أھل المدينة مالا ،فانظر شطر مالي فخذه!!
وتحتي امرأتان ،فانظر أيتھما أعجب لك حتى أطلقھا ،وتتزوجھا!..
فقال له عبدالرحمن بن عوف:
بارك ﷲ لك في أھلك ومال..
دلوني على السوق..
وخرج الى السوق ،فاشترى ..وباع ..وربح"!!..
وھكذا سارت حياته في المدينة ،على عھد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وبعد وفاته ،أداء كامل لحق
الدين ،وعمل الدنيا ..وتجارة رابحة ناجحة ،لو رفع صاحبھا على حد قوله حجرا من مكانه لوجد تحته
فضة وذھبا!!..
ومما جعل تجارته ناجحة مباركة ،تح ّريه الحلال ،ونأيه الشديد عن الحرام ،بل عن الشبھات..
كذلك مما زادھا نجاخا وبركة أنھا لم تكن لعبدالرحمن وحده ..بل كان فيھا نصيب أوفى ،يصل به أھله،
واخوانه ،ويج ّھز به جيوش الاسلام..
واذا كانت الجارة والثروات ،انما تحصى بأعداد رصيدھا وأرباحھا فان ثروة عبدالرحمن بن عوف انما
تعرف مقاديرھا وأعدادھا بما كان ينفق منھا في سبيل ﷲ رب العالمين!!..
لقد سمع رسول ﷲ يقول له يوما:
" يا بن عوف انك من الأغنياء..
وانك ستدخل الجنة حبوا..
فأقرض ﷲ يطلق لك قدميك"..
ومن سمع ھذا النصح من رسول ﷲ ،وھو يقرض ربه قرضا حسنا ،فيضاعفه له أضعافا كثيرة.
باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار ،ثم ف ّرقھا في أھله من بني زھرة ،وعلى أمھات المؤمنين ،وفقراء
المسلمين.
وق ّدم يوما لجيوش الاسلام خمسمائة فرس ،ويوما آخر الفا وخمسمائة راحلة.
وعند موته ،أوصى بخمسن ألف دينار في سبيل ﷲ ،وأ،صى لكل من بقي ممن شھدوا بدرا بأربعمائة
دينار ،حتى ان عثمان بن عفان رضي ﷲ عنه ،أخذ نصيبه من الوصية برغم ثرائه وقال ":ان مال
عبدالرحمن حلال صفو ،وان الطعمة منه عافية وبركة".
**
كان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده..
وآية ذلك أنه لم يكن يشقى بجمعه ولا باكتنازه..
233