Page 249 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 249
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فبينما رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربھم ،ويتواصون
بطاعته ،ويرجون أن تكف قريش عن اغارتھا وحروبھا ،اذا فريق من زعماء اليھود يخرجون خلسة الى
مكة مح ّرضين قريشا على رسول ﷲ ،وباذلين لھا الوعود والعھود أن يقفوا بجانب القرشيين اذا ھم
خرجوا لقتال المسلمين..
واتفقوا مع المشركين فعلا ،ووضعوا معا خطة القتال والغزو..
وفي طريقھم وھم راجعون الى المدينة ح ّرضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب ،ھي قبيلة غطفان واتفقوا مع
زعمائھا على الانضمام لجيش قريش..
وضعت خطة الحرب ،ووظعت أدوارھا ..فقريش وغطفان يھاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير..
واليھود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولھا في الوقت الذي يباغتھا فيه الجيش المھاجم..
ولما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يع ّد لھا الع ّدة ..فأمر بحفر خندق حول المدينة
ليعوق زحف المھاجمين.
وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة الى كعب بن أسد زعيم يھود بني قريظة ،ليتبيّنا حقيقة موقف
ھؤلاء من الحرب المرتقبة ،وكان بين رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وبين يھود بني قريظة عھود
ومواثيق..
فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم:
" ليس بيننا وبين محمد عھد ولا عقد"!!..
**
عز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أھل المدينة لھذا الغزو المدمدم والحصار المنھك،
ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش ،فينقض الجيش المھاجم بنصف عدده ،ونصف قوته ،وراح بالفعل
يفاوض زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديھم عن ھذه الحرب ،ولھم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة ،ورضي
قادة غطفان ،ولم يبق الا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممھورة..
وعند ھذا المدى من المحاولة ،وقف رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم اذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر،
فدعا اليه أصحابه رضي ﷲ عنھم ليشاورھم..
واھتم عليه الصلاة والسلام اھتماما خاصا برأي سعد بن معاذ ،وسعد بن عبادة ..فھما زعيما المدينة،
وھما بھذا أصحاب حق أول في مناقشة ھذا الأمر ،واختيار موقف تجاھه..
**
ق ّص رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عليھما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان..
وأنبأھما أنه انما لجأ الى ھذه المحاولة ،رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأھلھا ھذا الھجوم الخطير،
والحصار الرھيب..
وتقدم السعدان الى رسول ﷲ بھذا السؤال:
" يا رسول ﷲ..
أھذا رأي تختاره ،أم وحي أمرك ﷲ به"؟؟
249