Page 244 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 244
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة ،وبضعة بضعة ،وعضوا عضوا..
والبطل العظيم لا يزيد على ھمھمة يردد بھا نشيد اسلامه:
" لا اله الا ﷲ محمد رسول ﷲ"..
**
لو أن حبيبا أنقذ حياته يومئذ بشيء من المسايرة الظاھرة لمسيلمة ،طاويا على الايمان صدره ،لما
نقض ايمانه شيئا ،ولا أصاب اسلامه سوء..
ولكن الرجل الذي شھد مع أبيه ،وأمه ،وخالته ،وأخيه بيعة العقبة ،والذي حمل منذ تلك اللحظات
الحاسمة المباركة مسؤولية بيعته وايمانه كاملة غير منقوصة ،ما كان له أن يوازن لحظة من نھار بين
حياته ومبدئه..
ومن ث ّم لم يكن أمامه لكي يربح حياته كلھا مثل ھذه الفرصة الفريدة التي تمثلت فيھا قصة ايمانه كلھا..
ثبات ،وعظمة ،وبطولة ،وتضحية ،واستشھاد في سبيل الھدى والحق يكاد يفوق في حلاوته ،وفي
روعته كل ظفر وكل انتصار!!..
**
وبلغ رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم نبأ استشھاد مبعوثه الكريم ،واصطبر لحكم ربه ،غھو يرى بنور
ﷲ مصير ھذا الكذاب مسيلمة ،ويكاد يرى مصرعه رأي العين..
أما نسيبة بنت كعب أم حبيب فقد ضغطت على أسنانھا طويلا ،ثم أطلقت يمينا مبررا لتثأرن لولدھا من
مسيلمة ذاته ،ولتغوص ّن في لحمه الخبيث برمحھا وسيفھا..
وكان القدر الذي يرمق آنئذ جزعھا وصبرھا وجلدھا ،يبدي اعجابا كبيرا بھا ،ويقرر في نفس الوقت أن
يقف بجوارھا حتى تب ّر بيمينھا!!..
ودارت من الزمان دورة قصيرة ..جاءت على أثرھا الموقعة الخالدة ،موقعة اليمامة..
وج ّھز أبو بكر الص ّديق خليفة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم جيش الاسلام الذاھب الى اليمامة حيث أع ّد
مسيلمة أضخم جيش..
وخرجت نسيبة مع الجيش..
وألقت بنفسھا في خض ّم المعركة ،في يمناھا سيف ،وفي يسراھا رمح ،ولسانھا لا يك ّف عن الصياح:
" أين عد ّو ﷲ مسيلمة".؟؟
ولما قتل مسيلمة ،وسقط أتباعه كالعھن المنفوش ،وارتفعت رايات الاسلام عزيزة ظافرة ..وقفت نسيبة
وقد ملىء جسدھا الجليل ،القوي بالجراح وطعنات الرمح..
وقفت تستجلي وجه ولدھا الحبيب ،الشھيد حبيب فوجدته يملأ الزمان والمكان!!..
أجل..
ما ص ّوبت نسيبة بصرھا نحو راية من الرايات الخفاقة المنتصرة الضاحكة الا رأت عليھا وجه ابنھا
حبيب خفاقا ..منتصرا ..ضاحكا..
244