Page 240 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 240
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وأي داء أدوى من البخل!!
بل سيّدكم الجعد الأبيض ،عمرو بن الجموح..
فكانت ھذه الشھادة من رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم تكريما لابن الجموح ،أي تكريم!..
وفي ھذا قال شاعر الأنصار:
فس ّود عمرو بن الجموح لجوده
وحق لعمرو بالنّدى أن يس ّودا
اذا جاءه السؤال أذھب ماله
وقال :خذوه ،انه عائد غدا
وبمثل ما كان عمرو بن الجموح يجود بماله في سبيل ﷲ ،أراد أن يجود بروحه وبحياته..
ولكن كيف السبيل؟؟
ان في ساقه عرجا يجعله غير صالح للاشتراك في قتال.
وانه له أربعة أولاد ،كلھم مسلمون ،وكلھم رجال كالأسود ،كانوا يخرجون مع الرسول صلى ﷲ عليه
وسلم في الغزو ،ويثابرون على فريضة الجھاد..
ولقد حاول عمرو أن يخرج في غزوة بدر فتو ّسل أبناؤه الى النبي صلى ﷲ عليه وسلم كي يقنعه بعدم
الخروج ،أ ،يأمره به اذا ھو لم يقتنع..
وفعلا ،أخبره النبي صلى ﷲ عليه وسلم أن الاسلام يعفيه من الجھاد كفريضة ،وذلك لعجزه الماثل في
عرجه الشديد..
بيد أنه راح يل ّح ويرجو ..فأمره الرسول بالبقاء في المدينة.
**
وجاءت غزوة أحد فذھب عمرو الى النبي صلى ﷲ عليه وسلم يتوسل اليه أن يأذن له وقال له:
" يا رسول ﷲ ا ّن بن ّي يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك الى الجھاد..
ووﷲ اني لأرجو أن ،أخطر ،بعرجتي ھذه في الجنة"..
وأمام اصراره العظيم أذن له النبي عليه السلام بالخروج ،فأخذ سلاحه ،وانطلق يخطر في حبور وغبطة،
ودعا ربه بصوت ضارع:
" اللھم ارزقني الشھادة ولا تر ّدني الى أھلي".
والتقى الجمعان يوم أحد..
وانطلق عمرو بن الجموح وأبناؤه الأربعة يضربون بسيوفھم جيوش الشرك والظلام..
كان عمرو بن الجموح يخطر وسط المعمعة الصاحبة ،ومع كل خطرة يقطف سيفه رأسا من رؤوس
الوثنية..
كان يضرب الضربة بيمينه ،ثم يلتفت حواليه في الأفق الأعلى ،كأنه يتعجل قدوم الملاك الذي سيقبض
روحه ،ثم يصحبھا الى الجنة..
أجل ..فلقد سأل ربه الشھادة ،وھو واثق أن ﷲ سبحانه وتعالى قد استجاب له..
وھو مغرم بأن يخطر بساقه العرجاء في الجنة ليعلم أھلھا أن محمدا رسول اله صلى ﷲ عليه وسلم،
يعرف كيف يختار الأصحاب ،وكيف يربّي الرجال!!..
240