Page 255 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 255
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ما نأمن أن يكون له في قريش صولة"..
فأمر النبي صلى ﷲ عليه وسلم عليّا أن يدركه ،ويأخذ الراية منه ،ويتأ ّمر مكانه..
ان سعدا حين رأى مكة مذعنة مستسلمة لجيش الاسلام الفاتح ..تذ ّكر كل صور العذاب الذي صبّته على
المؤمنين ،وعليه ھو ذات يوم..
وتذكر الحروب التي سنتھا على قوم ودعاة ..كل ذنبھم أنھم يقولون :لا اله الا ﷲ ،فدفعته ش ّدته الى
الشماتة بقريش وتوعدھا يوم الفتح العظيم..
**
وھذه الشدة نفسھا،أو قل ھذا التط ّرف الذي كان يشكل جزءا من طبيعة سعد ھو الذي جعله يقف يوم
السقيفة موقفه المعروف..
فعلى أثر وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ،التف حوله ح\جماعة من الأنصار في سقيفة بني ساعدة
منادين بأن يكون خليفة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم من الأنصار..
كانت خلافة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم شرفا لذويه في الدنيا والآخرة..
ومن ثم أراد ھذا الفريق من الأنصار أن ينالوه ويظفروا به..
ولكن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قد استخلف أبا بكر على الصلاة أثناء مرضه ،وفھم الثحابة من ھذا
الاستخلاف الذي كان مؤيدا بمظاھر أخرى أضفاھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم الى أبي بكر ..ثاني
اثنين اذ ھما في الغار..
نقول :فھموا أن أبا بكر أحق بالخلافة من سواه..
وھكذا تز ّعم عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه ھذا الرأي واستمسك به في حين تزعم سعد بن عبادة رضي
ﷲ عنه ،الرأي الآخر واستمسك به ،مما جعل كثيرين من الصحابة رضي ﷲ عنھم يأخذون عليه ھذا
الموقف الذي كان موضع رفضھم واستنكارھم..
**
ولكن سعد بن عبادة بموقفه ھذا ،كان يستجيب في صدق لطبيعته وسجاياه..
فھو كما ذكرنا شديد التثبت باقتناعه ،وممعن في الاصرار على صراحته ووضوحه..
ويدلنا على ھذه السجيّة فيه ،موقفه بين يدي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعيد غزوة حنين..
فحين انتھى المسلمون من تلك الغزوة ظافرين ،راح رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوزع غنائمھا على
المسلمين ..واھتم يومئذ اھتماما خاصا بالمؤلفة قلوبھم ،وھم أولئك الأشراف الذين دخلوا الاسلام من
قريب ،ورأى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أن يساعدھم على أنفسھم بھذا التألف ،كما أعطى ذوي
الحاجة من المقاتلين.
وأما أولو الاسلام المكين ،فقد وكلھم الى اسلامھم ،ولم يعطھم من غنائم ھذه الغزوة شيئا..
كان عطاء رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،مج ّرد عطائه ،شرفا يحرص عليه جميع الناس..
وكانت غنائم الحرب قد أصبحت تش ّكل دخلا ھاما تقوم عليه معايش المسلمين..
وھكذا تساءل الأنصار في مرارة :لماذا لم يعطھم رسول ﷲ حظھم من الفيء والغنيمة..؟؟
وقال شاعرھم حسان بن ثابت:
255