Page 259 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 259
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولكن ،متى كان الاسلام يعبأ بالأشكال الظاھرة للناس..؟
متى ..ورسوله ھو الذي يقول:
" ألا ر ّب أشعث ،أعبر ،ذي طمرين لا يؤبه له ،لو أقسم على ﷲ لأب ّره"..
فلندع الشكل الخارجي لأسامة اذن..
لندع بشرته السوداء ،وأنفه الأفطس ،فما ھذا كله في ميزان الاسلام مكان..
ولننظر ماذا كان في ولائه..؟ ماذا كان في افتدائه..؟ في عظمة نفسه ،وامتلاء حياته..؟!
لقد بلغ من ذلك كله المدى الذي ھيأه لھذا الفيض من حب رسول ﷲ عليه الصلاة والسلام وتقديره:
" ان أسامة بن زيد لمن أح ّب الناس ال ّي ،واني لأرجو أن يكون من صالحيكم ،فاستوصوا به خيرا".
**
كان أسامة رضي ﷲ عنه مالكا لكل الصفات العظيمة التي تجعله قريبا من قلب الرسول ..وكبيرا في
عينيه..
فھو ابن مسلمين كريمين من أوائل المسلمين سبقا الى الاسلام ،ومن أكثرھم ولاء للرسول وقربا منه.
وھو من أبناء الاسلام الحنفاء الذين ولدوا فيه ،وتلقوا رضعاتھم الأولى من فطرته النقية ،دون أن
يدركھم من غبار الجاھلية المظلمة شيء..
وھو رضي ﷲ عنه على حداثة سنه ،مؤمن ،صلب ،ومسلم قوي ،يحمل كل تبعات ايمانه ودينه ،في
ولاء مكين ،وعزيمة قاھرة..
وھو مفرط في ذكائه ،مفرط في تواضعه ،ليس لتفانيه في سبيل ﷲ ورسوله حدود..
ثم ھو بعد ھذا ،يمثل في الدين الجديد ،ضحايا الألوان الذين جاء الاسلام ليضع عنھم أوزار التفرقة
وأوضارھا..
فھذا الأسود الأفطس يأخذ في قلب النبي ،وفي صفوف المسلمين مكانا عليّا ،لأن الدين الذي ارتضاه ﷲ
لعباده قد صحح معايير الآدمية والأفضلية بين الناس فقال:
) ان أكرمكم عند ﷲ أتقاكم(..
وھكذا رأينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يدخل مكة يوم الفتح العظيم ورديفه ھذا الأسود الأفطس
أسامة بن زيد..
ثم رأيناه يدخل الكعبة في أكثر ساعات الاسلام روعة ،وفوزا ،وعن يمينه ويساره بلال ،وأسامة ..رجلان
تكسوھما البشرة السوداء الداكنة ،ولكن كلمة ﷲ التي يحملانھا في قلبيھما الكبيرين قد أسبغت عليھما
كل الشرف وكل الرفعة..
**
وفي سن مبكرة ،لم تجاوز العشرين ،أمر رسول ﷲ أسامة بن زيد على جيش ،بين أفراده وجنوده أبو
بكر وعمر!!..
259