Page 261 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 261

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

  ‫ولقد أحرز في مھمته النجاح والفوز‪ ،‬وسبقته أنباء فوزه الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وفرح بھا‬
                                                                                             ‫وسر‪.‬‬

                                                           ‫ولنستمع الى أسامة يروي لنا بقية النبأ‪:‬‬
‫"‪ ..‬فاتيت النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وقد اتاه البشير بالفتح‪ ،‬فاذا ھو متھلل وجھه‪ ..‬فأدناني منه ثم قال‪:‬‬

                                                                                           ‫ح ّدثني‪..‬‬
  ‫فجعلت أح ّدثه‪ ..‬وذكرت أنه لما انھزم القوم أدركت رجلا وأھويت اليه بالرمح‪ ،‬فقال لا اله الا ﷲ فطعنته‬

                                                                                           ‫وقتلته‪.‬‬
                                                      ‫فتغيّر وجه الرسول صلى ﷲ عليه وسلم وقال‪:‬‬

                                                                                 ‫ويحك يا أسامة‪!..‬‬
                                                                           ‫فكيف لك بلا اله الا ﷲ‪..‬؟‬

                                                                                  ‫ويحك يا أسامة‪..‬‬
                                                                           ‫فكيف لك بلا اله الا ﷲ‪..‬؟‬
   ‫فلم يزل يرددھا عل ّي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته‪ .‬واستقبلت الاسلام يومئذ من جديد‪.‬‬
                  ‫فلا وﷲ لا أقاتل أحدا قال لا اله الا ﷲ بعدما سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم"‪.‬‬

                                               ‫**‬

‫ھذا ھو الدرس العظيم الذي و ّجه جياة أسامة الحبيب بن الحبيب منذ سمعه من رسول ﷲ الى أن رحل‬
                                                                           ‫عن الدينا راضيا مرضيّا‪.‬‬
                                                                                  ‫وانه لدرس بليغ‪.‬‬

                       ‫درس يكشف عن انسانية الرسول‪ ،‬وعدله‪ ،‬وسم ّو مبادئه‪ ،‬وعظمة دينه وخلقه‪..‬‬
                    ‫فھذا الرجل الذي أسف النبي لمقتله‪ ،‬وأنكر على أسامة قتله‪ ،‬كان مشركا ومحاربا‪..‬‬
      ‫وھو حين قال‪ :‬لا اله الا ﷲ‪ ..‬قالھا والسيف في يمينه‪ ،‬تتعلق به مزغ اللحم التي نھشھا من أجساد‬
   ‫المسلمين‪ ..‬قالھا لينجو بھا من ضربة قاتلة‪ ،‬أو ليھيء لنفسه فرصة يغير فيھا اتجاھه ثم يعاود القتال‬

                                                                                         ‫من جديد‪..‬‬
      ‫ومع ھذا‪ ،‬فلأنه قالھا‪ ،‬وتح ّرك بھا لسانه‪ ،‬يصير دمه حراما وحياته آمنة‪ ،‬في نفس اللحظة‪ ،‬ولنفس‬

                                                                                          ‫السبب‪!..‬‬
                                                                  ‫ووعى أسامة الدرس الى منتھاه‪..‬‬
 ‫فاذا كان ھذا الرجل‪ ،‬في ھذا الموقف‪ ،‬ينھى الرسول عن قتله لمج ّرد أنه قل‪ :‬لا اله الا ﷲ‪ ..‬فكيف بالذين‬
                                                                 ‫ھم مؤمنون حقا‪ ،‬ومسلمون حقا‪..‬؟‬
     ‫وھكذا رأيناه عندما نشبت الفتنة الكبرى بين الامام علي وأنصاره من جانب‪ ،‬ومعاوية وأنصاره من‬

                                                                      ‫جانب آخر‪ ،‬يلتزم حيادا مطلقا‪.‬‬

       ‫كان يح ّب عليّا أكثر الحب‪ ،‬وكان يبصر الحق الى جانبه‪ ..‬ولكن كيف يقتل بسيفه مسلما يؤمن با‬
‫وبرسله‪ ،‬وھو لذي لامه الرسول لقتله مشركا محاربا قال في لحظة انكساره وھروبه‪ :‬لا اله الا ﷲ‪..‬؟؟!!‬

                                                               ‫‪261‬‬
   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266