Page 196 - merit 39 feb 2022
P. 196
العـدد 38 194
فبراير ٢٠٢2 الشرقي فنَّان اثنان نابعان
من بهجة التحليق نفسها،
وعمل الدماغ ،ورؤيتان عاكف أو تحية كاريوكا ومن الرغبة في التعامل مع
جماليتان تبدوان أي ًضا أو سهير زكي أو سامية الجاذبية الأرضية بفلسفتين
عكس بعضهما البعض، جمال مربوطات بالأرض، تبدوان متعارضتين .الأول
ولكنها تلتقي جمي ًعا على يريد التغلب عليها بوضوح
أرضية الإرث الجمالي في محاولة للتأكيد على
وجود الجسد وسطوته على ومباشرة وإصرار عبر
–الروحي -الجسدي هذه الأرض ،ورغم ذلك لا جماليات وتقنيات وقدرات
والخيال والانطلاق. يمكننا سماع وقع أقدامهن وطاقات تجعلنا نعيد النظر
وعلى الرغم من التكوين
الجسدي المختلف تما ًما على نفس هذه الأرض ،ما في قدرة الروح /الجسد
لكل من راقصة الباليه يعني -شئنا أم أبينا -أن الجبارة .والثاني يخضع لها
والراقصة الشرقية ،إلا أن هناك مراوغة ومناورة من
كلا الجسدين هو بالنسبة تكتيكيًّا من أجل ليس فقط
للراقصتين ليس إلا أداة أجل التأكيد على الشيء إلغاؤها تما ًما ،بل وتغيير
لنقل تلك الشحنة الهائلة ونقيضه :الارتباط بالأرض وظيفة مصدرها عبر تقنيات
من الطاقة الفنية– الروحية، عبر الوجود المادي والخفة وقدرات وجماليات تجعلنا
بعي ًدا عن التصريح نراجع أفكارنا عن قدرة
واعتماد الجسد كوسيلة التي تصنع مسافة بين
أولى للإغراء ،أو الاعتماد القدمين وهذه الأرض. الجسد /الروح.
الاثنان :الباليه والرقص
عليه كأداة إغواء. ومع ذلك لا يمكن أن الشرقي ،ينطلقان من مبدأ
إننا هنا أمام معادلة نتصور أن أ ًّيا منهن تسعى الحركة والخفة .الأول نحو
جمالية متزنة في كل من الأعلى ،والثاني نحو الأسفل.
الفنَّ ْين .جسد راقصة للطيران أو التحليق .إنها ومسألة الأعلى والأسفل هنا،
الباليه ذو المعايير الخاصة ببساطة تسعى إلى انتزاع لا علاقة لها بالاتجاهات
التي ُت َم ِّكنه من التحليق، هذه الأرض بجاذبيتها ،أو أو حتى بقيمة أي منهما،
والذي تظهر تفاصيله بالأحرى السيطرة عليها بقدر علاقتها بمبدأ الحركة
بمفهومه النيوتيني (نسبة
بالكامل من خلال وعلى حركتها. إلى قوانين الحركة لإسحاق
الملابس –أ ًّيا كانت هذه إنهما فلسفتان للجمال نيوتن) وبجوهر الوحدة
الملابس ،-وجسد الراقصة والخفة والقدرة والطاقة الفنية ومهمة الفن ووظيفته
تبدوان عكس بعضهما في علاقتهم جميعا بالمُشاهد–
(الر َّقاصة) الشرقية البعض ،وطريقتان للتفكير المتفرج ،وبحالته الروحية،
الممتلئ والمتناسق الذي
ُي َم ِّكنها من الرسوخ بثبات وبردود أفعاله.
على الأرض ،ويمنحها عن راقصة البالية تحلم
القدرة على الحفاظ على بالطيران .وهي تطير بالفعل.
ُت َحلِّق وكأنها سابحة في
تلك المسافة الصغيرة الفضاء ،وكأنها تحررت من
للغاية بين قدميها وبين الجاذبية الأرضية أو تحاول
ذلك .على الجانب الآخر
سطح الأرض ،بينما نجد نجوى فؤاد أو نعيمة
الجسد الممتلئ المتناسق
يتحرك بدقة وإحساس
رفيع ،وتظهر أي ًضا بعض