Page 197 - merit 39 feb 2022
P. 197

‫داليدا ليست أكبر سًّنا بكثير من نجوى‪.‬‬                           ‫عايدة رياض‬
      ‫فكلتاهما ولدت في نفس يوم السابع‬
    ‫عشر من يناير ولكن بفارق ست سنوات‪.‬‬                        ‫تفاصيله‪ ،‬بينما يمكن أن‬
‫والمدهش أن جز ًءا من تلك الخفة والملامح‬                    ‫نتخيل بقية التفاصيل ليس‬
 ‫و"عجبة" العين تم توريثها لراقصة الفنون‬                    ‫من زاوية الإحساس المادي‬
   ‫الشعبية عايدة رياض‪ ،‬وقد لا يكون وجه‬                   ‫من حيث التصريح والكشف‪،‬‬
‫الشبه بين الثلاثة أنماط كبيًرا‪ ،‬لكن فلسفة‬
 ‫حركة الجسد‪ ،‬و"عجبة" العين‪ ،‬والابتسامة؛‬                      ‫وإنما من زاوية التناسق‬
‫هي عوامل مشتركة تعطى انطبا ًعا بوجود‬                     ‫الجسدي الجمالي‪ ،‬وربما عن‬

                            ‫شبه كبير بينهن‪.‬‬                 ‫طريق البوح المراوغ الذي‬
                                                            ‫يضفي على الجسد روعته‬
‫بإحساس كلتا الراقصتين‬      ‫للرقص الشرقي بدون تلك‬
      ‫بجسديهما‪ ،‬والطاقة‬    ‫البسمة التي نراها حتى على‬                 ‫واكتماله ودفئه‪.‬‬
                                                           ‫ملامح وجه راقصة الباليه‬
   ‫الجبارة التي تبذلها كل‬     ‫شفاه وفي عيون الفتيات‬       ‫تتحرك بتناسق مع حركات‬
‫منهما من أجل تطويع هذا‬      ‫الصغيرات غير المحترفات‬        ‫جسدها في مساحة تعبيرية‬
 ‫الجسد وضبط حركته في‬
                               ‫وهن يرقصن في القرى‬              ‫تذ ِّك ُرنا بوظيفة الملامح‬
   ‫حالة راقصة الباليه‪ ،‬أو‬   ‫والنجوع‪ ،‬وفي أفراح المدن‪،‬‬     ‫وتعبيرات الوجه في السينما‬
   ‫ضبط إيقاعاته في حالة‬                                  ‫كوسيلة للتعبير‪ .‬بينما بسمة‬
                               ‫أو حتى بمفردهن أمام‬
       ‫الراقصة الشرقية‪.‬‬      ‫المرآة‪ ،‬أو بين الصديقات‪.‬‬       ‫الشفتين والعينين الدائمة‬
‫إن عقل كل من الراقصتين‬                                     ‫والمميزة للراقصة الشرقية‬
 ‫أثناء الرقص يعمل بكامل‬           ‫هناك مهابة روحية‬       ‫ُت َع ُّد مقاب ًل موضوعيًّا لوظيفة‬
‫قدرته وفي كل الاتجاهات‪.‬‬     ‫وجسدية لكلتا الراقصتين‪.‬‬          ‫الصوت في المسرح كأداة‬
                            ‫أي حضور جسدي محاط‬            ‫للتعبير‪ .‬من الصعب أن يكون‬
  ‫غير أن الأهم هنا هو أن‬                                    ‫هناك أي انفصال بين تلك‬
  ‫الجسدين يفكران أي ًضا‪.‬‬       ‫بهالة شفافة للغاية من‬      ‫البسمة وبين وجه الراقصة‬
‫أي أن وظيفة التفكير لدى‬      ‫«القداسة»‪ .‬هذا الحضور‬          ‫الشرقية‪ ،‬ولا يمكن أص ًل‬
 ‫راقصة الباليه والراقصة‬      ‫يسحب المشاهد‪ -‬المتفرج‬        ‫أن تكتمل الصورة الجمالية‬
   ‫الشرقية لا تقتصر على‬    ‫تدريجيًّا إلى مساحة جمالية‬
  ‫العقل‪ ،‬بل تنسحب أي ًضا‬
 ‫على الجسد‪ .‬وربما يكون‬          ‫روحية تتسع وتضيق‬
                            ‫وف ًقا لوعيه وثقافته ومدى‬
    ‫ذلك أحد العوامل التي‬    ‫إحساسه بالجمال وقدرته‬
    ‫تميِّز الراقصة الجيدة‬  ‫على التذوق‪ .‬ولكن الأساس‬
   ‫عن الراقصة المتوسطة‬
 ‫أو الرديئة‪ .‬فالمسألة ليس‬      ‫هنا في هذه المهابة وهذا‬
    ‫لها أي علاقة بالجمال‬      ‫الحضور ليس له علاقة‬
                            ‫إطلا ًقا بالمشاهد‪ -‬المتفرج‪،‬‬

                                  ‫بقدر علاقته الوثيقة‬
   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202