Page 236 - merit 39 feb 2022
P. 236

‫العـدد ‪38‬‬                         ‫‪234‬‬

                                  ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

 ‫رجال الدين الرسميين يتحدثون‬            ‫الدين في غزو عقول وأفكار‬             ‫والنهى عن المنكر‪ ،‬وآمنت‬
       ‫عن المسيحيين ‪-‬على سبيل‬           ‫الأفراد بإقناعهم بأن درجة‬         ‫بالمساواة بين الرجل والمرأة‪،‬‬
                                     ‫تدينهم هذه ليست كافيه‪ ،‬وأنه‬      ‫والمساواة في الحقوق والواجبات‬
 ‫المثال‪ -‬ليس باعتبارهم مواطنين‬      ‫عليهم أن يكونوا أكثر تدينًا من‬        ‫بين كل المواطنين مهما كانت‬
  ‫مثل المسلمين في حماية القانون‬        ‫هذا‪ ،‬حتى أصبحت السياسة‬
                                       ‫جز ًءا من التدين‪ ،‬والتصويت‬          ‫عقيدتهم‪ ،‬وبحق المثليين في‬
      ‫والدستور؛ ولكن باعتبارهم‬       ‫في الانتخابات مثل الشهادة في‬        ‫المواطنة الكاملة‪ ،‬فمرحبًا بهم‪.‬‬
   ‫ذميين في حماية المسلمين‪ ،‬فقد‬   ‫المحكمة‪ ،‬وأن معيار الحكم الرشيد‬
    ‫اتفق الطرفان على أنهم ليسوا‬        ‫ليس تحقيق رفاهية المجتمع‬            ‫* أعرف أن عمليات‬
  ‫مواطنين ولكن ذميين‪ ،‬واختلفوا‬        ‫ولكن حراسة الدين وسياسة‬            ‫تجنيد الأعضاء الجدد‬
                                    ‫الدنيا‪ ،‬وأصبح وضع المدخرات‬         ‫تتم معظمها في المساجد‪،‬‬
         ‫في طريقة التعامل معهم‪.‬‬      ‫في البنوك الإسلامية وشركات‬         ‫حيث يتم اختيار الأكثر‬
   ‫ولذلك‪ ،‬عندما ينشق إنسان ما‬          ‫توظيف الأموال هو نوع من‬         ‫ترد ًدا عليها والمحافظين‬
 ‫عن أفكار هذا التنظيم‪ ،‬وليس عن‬     ‫الجهاد ضد البنوك الربوية التي‬        ‫على أداء الشعائر‪ ..‬فإذا‬
   ‫التنظيم فقط‪ ،‬لا بد أن يكون له‬   ‫ابتكرها اليهود لمحاربة المسلمين‪،‬‬     ‫كان (الدين) هو الحافز‬
   ‫رؤية مختلفة للدين‪ ،‬فهناك من‬      ‫وغيرها من القضايا التي تنتمي‬       ‫الأول والأكبر للانضمام‬
‫يرى أن كل هؤلاء لا ُيمثلون الدين‬        ‫للسياسات العامة للمجتمع‬      ‫للجماعة باعتبارها جماعة‬
‫الصحيح‪ ،‬وأن الدين الصحيح هو‬            ‫وأصبحت جز ًءا من الإيمان‪.‬‬      ‫دينية‪ ،‬فكيف تكون رؤية‬
  ‫هذه الروحانية الصوفية‪ ،‬فيتجه‬       ‫وقد ساهمت الدولة في ترسيخ‬        ‫(المنشق) لـ(الدين) وهو‬
 ‫نحو الطرق الصوفية‪ ،‬وهناك من‬          ‫هذه الرؤية الدينية من خلال‬
    ‫يراه في الدين الشعبي القديم‪،‬‬       ‫الدخول في جدال ديني حول‬                  ‫يقرر المغادرة؟‬
   ‫دين الصلاة والصيام والأمانة‬         ‫قضايا المجال العام‪ ،‬فسنجد‬
  ‫والنظافة وحقوق الجار دون أن‬                                              ‫‪ -‬تجنيد الأعضاء لا يتم في‬
 ‫يكون له أى علاقة بالشأن العام‪،‬‬                  ‫سيد قطب‬                ‫معظمه بالضرورة في المساجد‪،‬‬
‫وهناك من يرى المشكلة في التراث‬
   ‫الفقهي ومرويات ال ُّسنة فيتجه‬                                             ‫ولكنها تحدث في المدارس‬
 ‫نحو القرآنية‪ ،‬وهناك من يرى أن‬                                          ‫والجامعات وأماكن العمل ربما‬
   ‫المشكلة في النسخة الحالية من‬                                         ‫أكثر من المساجد‪ ،‬ويساعد على‬
   ‫الإسلام فيصنع لنفسه نسخته‬                                          ‫ذلك ما قامت به الدولة من تديين‬
 ‫الخاصة‪ ،‬وأخي ًرا‪ ..‬هناك من يرى‬                                       ‫للمجال العام على مدار ‪ 70‬سنة‪،‬‬
‫أن المشكلة في الدين نفسه وأنه لا‬                                         ‫جعلت لمن يتحدث باسم الدين‬
  ‫يمكن إصلاحه فيرفضه بالكلية‬                                           ‫مصداقية مزيفة‪ ،‬وجعلت للدين‬

           ‫ويتجه نحو اللادينية‪.‬‬                                           ‫سلطة تتخطى حدود وظيفته‬
                                                                         ‫الروحية‪ ،‬وبهذا مهدت الدولة‬
     ‫* قرأت ‪-‬بالصدفة‪-‬‬
    ‫مخطوط مذكرات أحد‬                                                        ‫الطريق لجماعات الإسلام‬
                                                                         ‫السياسي لكى ُتجند الأعضاء‬
      ‫كبار قيادات جماعة‬                                                   ‫و ُتزيد من قوتها ونفوذها في‬
     ‫الإخوان‪ ،‬الذي انش َّق‬
  ‫عنها‪ ،‬وتفرد له السلطة‬                                                                     ‫المجتمع‪.‬‬
 ‫الحالية مساحات واسعة‬                                                 ‫ولذلك يستخدم الإخوان وغيرهم‬
‫في وسائل الإعلام والنشر‬                                                ‫من تنظيمات الإسلام السياسي‬
   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241