Page 245 - merit 39 feb 2022
P. 245

‫‪243‬‬        ‫ثقافات وفنون‬

           ‫شخصيات‬

‫سعيد باشا‬  ‫عباس حلمي الأول‬                        ‫محمود باشا الفلكي‬           ‫بطرز محددة‪ ،‬وهو ما نرى‬
                                                                          ‫صداه بقوة في عصر إسماعيل‪،‬‬
      ‫ميدان السباق لكي يستطيع‬        ‫القبائل العربية والتي كان يراها‬      ‫غير أن محاولة عباس لم تنجح‬
   ‫هو وضيو ُفه الأجانب مشاهدة‬         ‫ظهره الذي يحميه ويرتكز عليه‬       ‫بصورة جيدة‪ ،‬لأن الأرستقراطية‬
    ‫المسابقات(‪ ،)5‬واهتم إسماعيل‬      ‫في مواجهة أعدائه‪ ،‬خاص ًة تركيا‬      ‫وطبقة الحكم لم تستجب له رغم‬
  ‫بربط العباسية بالقاهرة بطريق‬        ‫والأجانب‪ ،‬مع العلم بأنه سعى‬         ‫محاولاته‪ ،‬وربما مرجع هذا أن‬
  ‫ُس ِّمي بسكة العباسية‪ ،‬كما شيد‬    ‫إلى إعلان مصر دولة مستقلة عن‬        ‫الاعتراض من قبل صفوة المجتمع‬
    ‫قص ًرا بالعباسية‪ ،‬احترق فيما‬      ‫تركيا‪ ،‬كما سعى إلى نقل ولاية‬        ‫على الإقامة هناك‪ ،‬يرجع إلى قلة‬
‫بعد‪ ،‬وتستخدم بقاياه كمستشفى‬
                                        ‫العهد لابنه إلهامي‪ ،‬كان لهذه‬        ‫القطاع الخدمي في العباسية‪،‬‬
              ‫للمجانين حاليًا(‪.)6‬‬      ‫العلاقة أثر في اختيار قصوره‬          ‫حيث لم توفر الحكومة البنية‬
 ‫وصفوة القول إن العباسية كانت‬           ‫خارج المدينة حتى لا يسببوا‬      ‫الأساسية للتعمير مثلما حدث في‬
‫مشرو ًعا عمرانيًّا لم تتح له فرصة‬    ‫أية اضطرابات أمنية بها‪ ،‬وحتى‬        ‫الإسماعيلية مث ًل‪ ،‬ولكنها تركتها‬
  ‫النمو الكاملة‪ ،‬ولكن أثبتت الأيام‬    ‫يسهل له الاتصال بهم‪ ،‬خاصة‬             ‫رهنًا لرغبة الناس في وقت لم‬
                                    ‫في قصر الدار البيضاء الواقع على‬     ‫تكن فيه وسائل المواصلات تتيح‬
     ‫جدواه‪ ،‬ولو كان عباس نجح‬        ‫طريق القاهرة السويس(‪ ،)3‬وكان‬           ‫فرصة للاتساع في نطاق يبعد‬
  ‫في نقل الحكم إلى ابنه لاكتسبت‬       ‫قد شرع في بناء هذا القصر في‬          ‫كثي ًرا عن القاهرة مقر الأعمال‬
                                                                          ‫والمصالح في تلك الفترة‪ ،‬بل في‬
      ‫المنطقة أهمية متزايدة‪ ،‬لكن‬           ‫عام ‪1265‬هـ‪1849/‬م(‪.)4‬‬            ‫بيئة أكثر صحراوية من شبرا‬
   ‫التحول السياسي بنقل السلطة‬             ‫أهمل هذا القصر بعد وفاة‬        ‫مث ًل‪ ،‬لكن المحاولة أصبحت أكثر‬
 ‫إلى سعيد باشا‪ ،‬ثم إسماعيل من‬        ‫عباس وآل بالشراء إلى الخديوي‬       ‫جرأ ًة ونجا ًحا في عصر إسماعيل‪،‬‬
    ‫بعده‪ ،‬كان له الأثر في التحول‬      ‫إسماعيل‪ ،‬الذي شيد به مجم ًعا‬        ‫ونحن نرى أن ِق َصر فترة حكم‬
 ‫العمراني تجاه المنطقة المحصورة‬        ‫عسكر ًّيا وميدا ًنا لسباق الخيل‬     ‫عباس‪ ،‬وهي ست سنوات غير‬
  ‫بين القاهرة وشاطئ النيل‪ ،‬وقد‬         ‫عام ‪ ،1846‬وبنى هناك كش ًكا‬       ‫كافية للحكم على هذا المشروع‪ ،‬إذ‬
  ‫بقيت بعض الأجزاء من القصر‬           ‫سماه «الأنفياترو» يشرف على‬          ‫إن المشروعات العمرانية تتطلب‬
 ‫وثكناته إلى اليوم‪ .‬لكن في مرحلة‬                                            ‫وقتًا كافيًا لكي تكتمل خاصة‬
                                                                           ‫في مشروع لم يعتد المصريون‬
                                                                          ‫على مثله من قبل‪ ،‬إذ كانوا غالبًا‬
                                                                         ‫ما يرغبون في السكنى إلى جوار‬
                                                                            ‫المدينة القديمة وفي داخلها أو‬
                                                                           ‫بالقرب من شاطئ النيل لا في‬

                                                                                             ‫الصحراء‪.‬‬
                                                                             ‫وإعادة تعمير المدينة القديمة‬
                                                                          ‫يحتاج إلى أموال طائلة‪ ،‬خاص ًة‬
                                                                              ‫إذا أراد عباس فتح شوارع‬
                                                                             ‫جديدة أمام حركة العربات‪،‬‬
                                                                            ‫وإقامة قصور له على نحو ما‬
                                                                            ‫فعل إسماعيل‪ ،‬بينما الأسهل‬
                                                                        ‫والأقل كلف ًة الانتقال إلى خارجها‪،‬‬
                                                                           ‫وكان لعلاقة عباس القوية مع‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250