Page 242 - merit 39 feb 2022
P. 242

‫مصر أكثر فائدة لمصر‪ ،‬إذ جعل‬                                 ‫العـدد ‪38‬‬                           ‫‪240‬‬
    ‫السكك الحديدية تنفذ لصالح‬
      ‫مصر التي امتلكت المشروع‬                                                ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬         ‫محمد علي‬

   ‫وبالتالي عوائده‪ ،‬هنا لا بد حين‬     ‫مصر‪ ،‬لنرى مصاهرتهم للأتراك‬                               ‫مثل صعود محمد علي باشا‬
       ‫نقيِّم العقدين ‪-‬عقد السكك‬         ‫في مصر أي ًضا ليشكلوا طبقة‬                         ‫إلى حكم مصر حد ًثا غيَّر قواعد‬
                                                                                             ‫الحياة السياسية والاقتصادية‬
  ‫الحديد وعقد قناة السويس‪ -‬أن‬           ‫حاكمة اخترقها تفوق المتعلمين‬
  ‫نستحضر المشترك بينهما وهو‬           ‫المصريين ليشكلوا عنص ًرا جدي ًدا‬                          ‫والاجتماعية في مصر‪ ،‬أعاد‬
‫عمل المصريين بالسخرة في تنفيذ‬                                                                ‫محمد علي بناء الدولة المصرية‬
    ‫المشروعين‪ ،‬حتى أن الصحف‬                ‫في تركيبة الحكم‪ ،‬هنا لا بد‬
‫البريطانية أثارت أن التلكفة المعلنة‬      ‫من أن نشير إلى تغلغل النفوذ‬                           ‫فصارت أحدث وأقوى حتى‬
 ‫لتنفيذ سكك حديد مصر لا يمكن‬          ‫الأجنبي‪ ،‬إلى انتقاد عباس حلمي‬                             ‫صارت ن ًّدا للدولة العثمانية‬
  ‫احتسابها بدقة نظ ًرا لأن العمالة‬    ‫الأول جده محمد علي في انحيازه‬                         ‫التي كانت مصر تحت سيادتها‬
‫لم تأخذ أجورها ولم تدرج ضمن‬             ‫للأجانب وتلبيته مطالبهم التي‬                           ‫منذ الاحتلال العثماني لمصر‬
‫الموازنة لعملها بنظام السخرة‪ ،‬في‬      ‫وصلت لحد الجشع والاستغلال‬                              ‫في ‪ ،1517‬كان محمد على يحلم‬
  ‫حين أن منح سعيد باشا شركة‬          ‫المريب‪ ،‬وهو ما زاد في عهد سعيد‬                         ‫بالاستقلال عن الدولة العثمانية‬
  ‫قناة السويس المصريين ليعملوا‬          ‫باشا الذي و َّقع عق ًدا من أسوأ‬                    ‫حتى منح نفسه لقب خديو الدال‬
                                      ‫العقود التي استنفذت مصر وهو‬                         ‫على القوة والنفوذ في نصي إنشاء‬
    ‫سخرة في حفر قناة السويس‬            ‫عقد قناة السويس‪ ،‬والذي جعل‬                           ‫مطبعة بولاق وجامع محمد علي‬
   ‫دون مقابل في وقت كان يمكن‬          ‫منطقة القناة تخضع لشركة قناة‬                           ‫في القلعة‪ ،‬وكلاهما كتب باللغة‬
    ‫أن تستخدم حفارات بخارية‪،‬‬              ‫السويس الفرنسية‪ ،‬ولتعاني‬                        ‫التركية بالحرف العربي‪ ،‬لكن هنا‬
  ‫ورأت المصريين سخرة أرخص‬              ‫مصر من هذا حتي العام ‪1956‬‬                             ‫لدينا عدة معطيات جديدة على‬
    ‫وأوفر لها‪ ،‬في حين كان تنفيذ‬                                                                 ‫الأرض المصرية نبعت من‪:‬‬
  ‫قناة السويس فرنسيًّا مع بعض‬              ‫مع العدوان الثلاثي لفرنسا‬                           ‫تعليم جديد حديث وعصري‬
                                     ‫وبريطانيا وإسرائيل‪ ،‬في حين كان‬                            ‫مع بعثات أوجدت تكنوقراط‬
     ‫الأوربيين‪ ،‬كان تنفيذ السكة‬                                                             ‫عصريين وفنيين بمهارة عالية‪.‬‬
   ‫الحديد بريطانيًّا مع مهندسين‬         ‫العقد الذي وقع في عهد عباس‬                           ‫اقتصاد بمدخلات جديدة وإن‬
   ‫مصريين‪ ،‬هذا ما نقل الخبرات‬          ‫حلمي الأول لإنشاء سكك حديد‬                          ‫كان الاحتكار كان عنوانه‪ ،‬إلا أن‬
‫للمصريين فكان حضورهم مبك ًرا‬                                                               ‫هذا تلاشي مع خلفاء محمد علي‬
    ‫وقو ًّيا في هذا المرفق الحيوي‪.‬‬             ‫لويس الخامس عشر‬                               ‫لتظهر طبقة رأسمالية مصرية‬

     ‫هنا لا بد من إعادة النظر في‬                                                                     ‫جديدة في ثوب جديد‪.‬‬
     ‫الكثير من المقولات التاريخية‬                                                               ‫نخبة تفاعلت مع الجديد في‬
     ‫التي شاعت في كتب التاريخ‬                                                               ‫عصرها حتي رأينا الصحافة في‬
                                                                                             ‫عصر الخديو إسماعيل تنادي‬
      ‫المصرية حول عباس حلمي‬                                                                   ‫بدولة على النموذج الأوروبي‬
 ‫الأول الذي حكم مصر بعد وفاة‬                                                                  ‫حتى رأينا أصوا ًتا تعلو ناقدة‬
  ‫محمد على في عام ‪ ،1849‬أشاع‬                                                                   ‫للنفوذ والاستغلال الأوربي‬
‫المؤرخون الفرنسيون ومن تبعهم‬                                                               ‫الشرس ولسلطة الخديو المطلقة‪.‬‬
                                                                                                ‫لم يكن مشروع محمد على‬
     ‫من المصريين صورة لعباس‬                                                                 ‫مشرو ًعا تنمو ًّيا من أجل مصر‬
 ‫حلمي الأول سيئة لأنه ح َّجم من‬                                                           ‫بل من أجل سلطته وترسيخ نفوذ‬
‫نفوذهم ومصالحهم في مصر ولم‬                                                                  ‫عائلته التي استدعى أفرادها إلى‬
‫يغرق مصر في الديون وحافظ على‬
  ‫مكاسبها في ضوء معاهدة لندن‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247