Page 246 - merit 39 feb 2022
P. 246

‫العـدد ‪38‬‬                          ‫‪244‬‬

                                  ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

      ‫البريد البريطاني عبر مصر‬     ‫مستشار محمد علي جالوي وهو‬             ‫لاحقه بنيت مصر الجديدة على‬
   ‫للهند ومستعمرات بريطانيا في‬     ‫مهندس ميكانيكا إنجليزي‪ ،‬فكان‬       ‫يد البارون امبان وهو ما أكد بعد‬
   ‫شرق أفريقيا والخليج العربي‬
   ‫واليمن فض ًل عن نمو التجارة‬         ‫على غرار مسبك لندن‪ ،‬وكان‬               ‫نظر عباس حلمي الأول‪.‬‬
    ‫الداخلية وحركة التصدير من‬         ‫يعاونه ‪ 5‬من الإنجليز و‪ 3‬من‬
                                  ‫مالطة كرؤساء للعمال والتحق به‬         ‫مصر والسكة الحديد‬
     ‫مصر‪ ،‬هذا البريد الذي كانت‬       ‫‪ 40‬مصر ًّيا وزعوا على أقسامه‬
  ‫مصر أقصر الطرق له وأوفرها‪،‬‬      ‫المختلفة‪ ،‬كان يصب في هذا المسبك‬      ‫مثلت السكة الحديد تغيي ًرا نوعيًّا‬
                                       ‫يوميًّا ‪ 50‬قنطا ًرا من الحديد‬     ‫للحياة في مصر‪ ،‬إذ كانت سببًا‬
    ‫فض ًل عن المنتجات الصناعية‬     ‫المعد لصناعة الآلات والمراكب(‪،)7‬‬    ‫في ربط العديد من المدن ببعضها‬
  ‫البريطانية الصاعدة بقوة والتي‬       ‫فصنعت به آلات كبس القطن‬
                                     ‫والآلات البخارية وآلات لعصر‬       ‫بسهولة الانتقال في زمن قياسي‬
    ‫بحاجة لأسواق لتصريفها مع‬         ‫وتكرير السكر(‪ .)8‬كان توماس‬         ‫بينها‪ ،‬فض ًل عن أنها كانت أداة‬
   ‫تكاليف نقل زهيدة‪ ،‬فض ًل عن‬     ‫جالوي أقنع محمد علي باستخدام‬          ‫لنقل المنتجات من إلى‪ ،‬وساهمت‬
    ‫الولع بالسياحة لمشاهدة آثار‬   ‫الآلات البخارية في مضارب الأرز‬
 ‫قدماء المصريين‪ ،‬كان محمد علي‬         ‫توفي ًرا للنفقات فاقتنع الباشا‬      ‫في زايادة صادرات مصر من‬
  ‫سمح بمرور البريد والمسافرين‬         ‫وشيدت حينئذ ثلاثة مضارب‬          ‫الحاصلات الزراعية وغيرها من‬
  ‫الإنجليز عبر الأراضي المصرية‬                                         ‫المنتجات المصرية‪ ،‬أضف إلى هذا‬
    ‫هذا ما أدى مع الوقت إلى نمو‬          ‫تعمل بالبخار بدأ أولها في‬
‫متزايد في الحركة عبر مصر طب ًقا‬                          ‫رشيد(‪.)9‬‬        ‫نمو حركة السياحة لمصر عبر‬
                                                                           ‫ميناء الإسكندرية حيث تأتي‬
                ‫للإحصائيات(‪:)11‬‬     ‫كان هذا المسبك هو أحد الركائز‬      ‫السفن البخارية من أوروبا‪ ،‬هذه‬
           ‫عدد المسافرين السنة‪:‬‬        ‫التي اعتمد عليها في مشروع‬          ‫الحركة التي بدأت كاستراحة‬
                                        ‫سكك حديد مصر‪ ،‬إذ أمدها‬
                  ‫‪.275 :1844‬‬                                                 ‫للذاهبين للهند والشرق ثم‬
                 ‫‪.2100 :1845‬‬       ‫بالعديد من مستلزمات المشروع‪،‬‬         ‫تطورت مع الاكتشافات الأثرية‬
                 ‫‪.3000 :1847‬‬      ‫وهو ما أعطي العاملين به خبرات‬
    ‫هذا ما جعل مصر محط نظر‬        ‫إضافية جعلت العديد منهم ينتقل‬             ‫روي ًدا روي ًدا لتصبح غايتها‬
   ‫الجميع‪ ،‬فقد كانت مصر تأخذ‬                                              ‫الاستمتاع بطقس مصر حتي‬
    ‫بأسباب التقدم‪ ،‬لذا ومن ذلك‬       ‫لصيانة القاطرات والعربات بل‬       ‫اشتهرت حلوان كمشتي صحي‪،‬‬
 ‫خدمة التلغراف التي تواكبت مع‬         ‫وتصنيع العربات لاح ًقا‪ ،‬أدت‬       ‫ثم زيارة آثار الفراعنة التي بدأ‬
 ‫نمو حركة النقل عبر مصر ونمو‬           ‫السكة الحديد لتوظيف مئات‬           ‫الولع بها ينتشر في كل أرجاء‬
    ‫الحاجة للموصلات مما تطلب‬       ‫المصريين ممن عملوا فيها نتيجة‬        ‫أوروبا‪ ،‬صاحب هذا كله سلسلة‬
     ‫خدمة نقل الرسائل السريعة‬      ‫سياسات التعليم في عصر محمد‬            ‫من الفنادق الحديثة التي صار‬
  ‫والذي أفاد بقوة حركة التجارة‪،‬‬    ‫علي وخلفائه‪ ،‬ومن المدارس التي‬         ‫بعضها مقص ًدا في حد ذاته مع‬
        ‫لم تعرف مصر التلغراف‬          ‫التحق خريجوها بها‪ :‬مدرسة‬
    ‫الكهربائي قبل ‪1854‬م‪ ،‬ولكن‬        ‫الإدارة الملكية ‪ ،1934‬ومدرسة‬              ‫الزمن مثل فندق شبرد‪.‬‬
  ‫في عصر محمد علي‪ ،‬وجد نظام‬        ‫المعادن ‪ ،1934‬والهندسة ‪،1835‬‬       ‫لم تكن السكة الحديد نتا ًجا مفر ًدا‬
     ‫الرسائل البرقية بالإشارات‪،‬‬    ‫والألسن سنة ‪ ،1835‬والمحاسبة‬        ‫لعملية تحديث مصر‪ ،‬بل جاءت في‬
 ‫ففي عهده بني خط من ‪ 19‬بر ًجا‬     ‫سنة ‪ ،1837‬والعمليات (الصنائع)‬
  ‫من رأس التين بالإسكندرية إلى‬      ‫سنة ‪ .1839‬تكاملت إ ًذا الأدوات‬      ‫سياق تحديثي‪ ،‬إذ أدخلت لمصر‬
‫القلعة في القاهرة‪ ،‬وكانت الرسائل‬   ‫المصرية لإدارة السكة الحديد في‬         ‫العديد من الصناعات بصورة‬
‫تصل في ‪ 45‬دقيقة‪ ،‬وهذه الخدمة‬                                               ‫جديدة‪ ،‬كان منها على سبيل‬
       ‫خاصة بالسلطة‪ ،‬وفي سنة‬                            ‫مصر(‪.)10‬‬        ‫المثال لا الحصر‪ ،‬مسبك الحديد‬
                                     ‫لكن تواكب مع هذا نمو حركة‬           ‫في بولاق الذي شيد على أحدث‬

                                                                      ‫نظم عصره‪ ،‬وتكلف آنذاك مليون‬
                                                                          ‫ونصف مليون فرنك‪ ،‬صممه‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251