Page 264 - merit 39 feb 2022
P. 264

‫الانفجار التكنولوجي هو المقابل‬
‫التكنولوجي للانفجار البيولوجي الكمبري‪،‬‬
 ‫أو الانفجار الكوني العظيم‪ ،‬وهو مثلهما‬
 ‫كذلك ليس انفجاًرا ولكن توسع مفاجئ‬
‫وسريع للغاية‪ ،‬ولذلك يوصف بالانفجار‪ ،‬إذ‬
‫إن وتيرة التطور التكنولوجي والاجتماعي‬

  ‫في الحقيقة قد ظلت تحبو في مسيرة‬
 ‫شديدة البطء‪ ،‬تفصل بين النقلة النوعية‬
‫والأخرى قرون عدة‪ ،‬ولكن في المائتي سنة‬

    ‫الأخيرة تسارعت تلك الوتيرة كثيًرا‪.‬‬

                                                                     ‫مورفي في دوره كشرطي روبوت‬

       ‫التكنولوجيا‪ ،‬وعلى رأسها‬                     ‫نعيشه بالفعل‪.‬‬      ‫التكنولوجي للانفجار البيولوجي‬
    ‫الذكاء الصناعي‪ ،‬على حيوات‬            ‫وكان من أخطر توابع هذا‬          ‫الكمبري‪ ،‬أو الانفجار الكوني‬
 ‫البشر والتحسب لها‪ ،‬بل وأي ًضا‬     ‫التسارع كذلك أن المستقبل اليوم‬
     ‫محاولة تسخيرها نشأ علم‬        ‫‪-‬على عكس كل الحقب الماضية‪-‬‬          ‫العظيم‪ ،‬وهو مثلهما كذلك ليس‬
     ‫الـ‪ Futurology‬أو ‪Future‬‬             ‫قد أصبح شديد القرب من‬            ‫انفجا ًرا ولكن توسع مفاجئ‬
                                  ‫الحاضر بل يكاد يلامسه‪ ،‬فأصبح‬
                     ‫‪.studies‬‬        ‫ما كانت التكنولوجيا تجلبه في‬       ‫وسريع للغاية‪ ،‬ولذلك يوصف‬
  ‫فما هو الـ‪ Futurology‬أو علم‬      ‫الماضي من خير أو من شر فيتم‬          ‫بالانفجار‪ ،‬إذ إن وتيرة التطور‬
                                    ‫اختباره والتأقلم عليه عبر مئات‬
             ‫استقراء المستقبل؟‬     ‫السنين‪ ،‬قد أصبح اليوم على قاب‬           ‫التكنولوجي والاجتماعي في‬
                                    ‫أيام وسويعات منَّا؛ ولعل المثال‬   ‫الحقيقة قد ظلت تحبو في مسيرة‬
‫‪ -4‬علم استقراء المستقبل‬             ‫الأهم على ذلك هو المنتج الأعظم‬     ‫شديدة البطء‪ ،‬تفصل بين النقلة‬
                                  ‫للحضارة البشرية والأخطر عليها‬
    ‫لا أبالغ إن اعتبرت هذا العلم‬   ‫على الإطلاق‪ ،‬وأعني بذلك الذكاء‬        ‫النوعية والأخرى قرون عدة‪،‬‬
    ‫‪-‬الذي قلَّما يذكره أحد‪ -‬من‬         ‫الصناعي‪ ..‬فلقد أصبح عليه‬          ‫ولكن في المائتي سنة الأخيرة‬
    ‫أهم العلوم في عصرنا هذا إن‬     ‫بالفعل اعتماد واسع بين البشر‪،‬‬        ‫تسارعت تلك الوتيرة كثي ًرا‪ ،‬ثم‬
 ‫لم يكن أهمها على الإطلاق‪ ،‬وهو‬       ‫بل وحتى ممن لا يفقهون عنه‬          ‫تفاقم ذلك التسارع أكثر وأكثر‬
     ‫‪-‬باختصار ُمخل‪ -‬الدراسة‬                                              ‫ليأخذ شك ًل أ ِّسيًّا في العقدين‬
   ‫ا َلنهجية متعددة التخصصات‬                                ‫شيئًا‪.‬‬
  ‫المعنية بأثر التقدم التكنولوجي‬          ‫ولهذه الحاجة الضرورية‬             ‫الأخيرين‪ ،‬ثم اندلعت ثورة‬
 ‫والاجتماعي على حيوات البشر؛‬           ‫والملحة في استقراء التغيرات‬   ‫المعلومات الرقمية في الثلاثين سنة‬
    ‫وكيف ستتشكل في المستقبل‬          ‫التي سيحملها المستقبل‪ ،‬وآثار‬
                                                                         ‫الماضية‪ ،‬فنتج عن هذا التفاقم‬
                ‫القريب والبعيد‪.‬‬                                          ‫التكنولوجي الرهيب أن الكثير‬
   ‫وهذا العلم يختلف عما يسمى‬                                          ‫مما كان يعد من شطحات الخيال‬
                                                                          ‫العلمي في الماضي القريب قد‬
                                                                     ‫أصبح اليوم حقيقة مؤكدة وواق ًعا‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269