Page 267 - merit 39 feb 2022
P. 267
265 ثقافات وفنون
رأى
غانا..
عروس أفريقيا البكر علي حسن
دقيقة أدخن فيها سيجارة واحد ًة! أكت ِف بهذا ،بل ذهبت إلى مراكز منذ عدة سنوات ،وفي أحدى
رجعت إلى الرصيف القريب من أخرى خاصة لأخذ لقاحات إضافية
السيارة وأشعلت سيجارتي. ضد شلل الأطفال ،حصبة ،كوليرا، صباحات شهر أغسطس الحارة،
كان واض ًحا أنني الوحيد الذي استيقظت على رنين الهاتف .كان
يدخن ،فلم أر بجواري أح ًدا تيفوئيد ،سعال ديكيُ ،حمى المتصل هو المدير الإقليمي للشركة
يدخن ،وليس على الأرض أث ٌر صفراء ،حمى شوكية ،لقاحان التي أعمل بها -واحدة من كبريات
ضد فيروس الكبد Aو ،Bوعقار
لعقب سجارة واحدة! كان السائق يؤخذ يوميًّا يمنع الإصابة بالملاريا. شركات التنقيب عن البترول
يرمقني بعينين ،قرأت بع ًضا مما استقبل ذراعي كل هذه اللقاحات في العالم -يطلب مني التوجه
كتب فيهما! كأنه أراد قول شي ٍء، في يومين ،ثم بدأ جسدي ينتبه، إلى سفارة دولة غانا في القاهرة
ويفرز أجسامه المضادة ،فقضيت للحصول على تأشيرة عمل ،ثم
لكنه آثر أن يتركني استمتع ما تبقى من أيام قبل السفر طريح أخذ كافة التطعيمات واللقاحات
بسيجارتي ،إذ كنت آكلها بنهم! الفراش ،أشكو آلا ًما مبرحة في المطلوبة .رجوته أن يعفيني من
أطفأتها داخل منديل ورقي ،ثم العظام والبطن ،وصداع شديد مع السفر إلى أفريقيا ،لكنه رتب كل
حمى تأتي وتزول بلا مقدمات أو شيء وأرسل إلى السفارة جميع
ركبت السيارة واض ًعا حزام المستندات المطلوبة ومعها تذكر َت ْي
الأمان ،فأخبرني بما كان في قلبه أوقات محددة! سفر ،ذها ًبا وإيا ًبا ،وأخبرني أنه
وعينيه وحجبه على ضيق وتردد: أقلعت طائرة مصر للطيران ،وبعد سيكون في انتظاري في أكرا بعد
«لا ُيس َمح بالتدخين في الشوارع أسبوع من الآن! وافقت؛ ثم أغلقت
رحلة استغرقت سبع ساعات الهاتف حزينًا ،وانتبهت فإذا
مطل ًقا ،وهناك كبائن أُ ِع َدت لهذا هبطت في مطار «كوتوكا الدولي» الزوجة والأولاد حولي ينظرون إل َّي
الغرض ،ويجب الالتزام بذلك» ،ثم بالعاصمة الغانية أكرا .وضعت في صمت وكدر .خيَّم على البيت
أدار محرك السيارة متج ًها إلى مقر ساعات من الكآبة ،فنحن في مصر
السيدة التي تعمل في جوازات لا نعرف عن أفريقيا غير الأمراض
الشركة الذي يبعد نصف ساعة المطار خاتم الدخول على جواز
تقريبًا عن المطار. سفري ،مع ابتسامة ساحرة من والموت!
شفتين غليظتين سوداوين لكنهما انهيت إجراءات التأشيرة بيسر
عندما أضاءت إشارة المرور باللون يكشفان عن أسنان كاللؤلؤ ناصعة عجيب! وحقيبتي جاهزة للسفر،
الأحمر ،رأيت بائ ًعا جائ ًل يعرض ولم يبق غير الأمصال واللقاحات
سلعته على قائد سيارة ،ثم تغير البياض! الضرورية .توجهت إلى مركز
مع كلمات الترحيب استلمت الأمصال واللقاحات بالدقي طالبًا
لون الإشارة فصارت خضراء، حقيبتي وخرجت لأجد سائق جميع اللقاحات المتاحة لديهم ،ولم
فاضطر السائق أن يتحرك ببطء، الشركة في انتظاري ،ولأنني أتوق
والبائع يتابعه لمسافة طويلة تار ًكا إلى التدخين ،رجوته أن يمهلني
بضاعته على الرصيف كي ُي َح ِّصل
ثمن بضاعته.