Page 265 - merit 39 feb 2022
P. 265

‫‪263‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأى‬

   ‫وربما الحروب‪ ،‬وفكر في كيف‬           ‫وبرغم ان هذا العلم لا يعتبر‬    ‫بـ”علم التنجيم” وقراءة الطالع‬
 ‫ستكون تلك الدراسات ضرورية‬         ‫من العلوم المثبتة بسبب اعتماده‬       ‫اختلا ًفا كليًّا وجذر ًّيا‪ ،‬فهو لا‬
‫لاستقراء تداعيات هذه التطبيقات‪،‬‬   ‫‪-‬جزئيًّا فقط‪ -‬على المنهج العلمي‪،‬‬       ‫يعتمد على أي علائق باطنية‬

   ‫وباقي تداعيات تأثير الفراشة‬       ‫مما يصنفه أحيا ًنا كعلم زائف‬     ‫غرائبية تربط كواكب ا َلجموعة‬
 ‫‪ Butterfly Effect‬على المستقبل‪،‬‬      ‫‪( Pseudo science‬وإن كان‬          ‫الشمسية بخصائل البشر‪ ،‬وهو‬
 ‫وكم ستكون مفيدة في معرفة ما‬       ‫مثله في ذلك مثل كثير من العلوم‬   ‫ما لا يوجد عليه أدنى دليل علمي‪،‬‬
                                  ‫الجادة كعلم النفس)‪ ،‬إلا أن أهمية‬    ‫بل على الاستقراء المنطقي المبني‬
    ‫يمكن أن تسفر عنه الأمور في‬        ‫هذه الدراسات وما ينتج عنها‬
‫النهاية‪ ،‬وكم لذلك من فوائد ومن‬    ‫من استقراءات بالنسبة للشركات‬           ‫على التحليل العميق للبيانات‬
                                      ‫التجارية وبالنسبة لحكومات‬        ‫والمعطيات التاريخية والراهنة‪،‬‬
    ‫فرص سانحة تكاد تستجدي‬          ‫الدول وكذلك بالنسبة للأفراد لا‬
  ‫الاستغلال التجاري والسياسي‬      ‫تحتاج إلى أي توضيح‪ .‬فمن خلال‬             ‫ولذلك لا غرابة أن يعتبره‬
                                    ‫هذه النتائج ترسم الخطط ويتم‬          ‫المتخصصون مواز ًيا لعلمي‬
                    ‫والعقائدي‪.‬‬       ‫بناء الاستراتيجيات المستقبلية‬    ‫التاريخ والاجتماع‪ ،‬فهو يرتبط‬
     ‫ولكن لعل المثال الأخطر على‬   ‫على المديين القريب والبعيد‪ ،‬وكما‬      ‫بهما ارتبا ًطا وثي ًقا بل وينهل‬
     ‫أهمية هذا الفرع من العلوم؛‬     ‫هو واضح من يملك ناصية هذا‬
   ‫هو رسم مستقبل المنتج الأهم‬       ‫العلم هو وحده من يحصل على‬                               ‫منهما‪.‬‬
      ‫والأعظم للحضارة البشرية‬                                          ‫يسعى الباحثون في هذا المجال‬
     ‫والأخطر عليها على الإطلاق‪،‬‬           ‫الأفضلية في هذا السباق‪.‬‬
    ‫والذي سوف يغير كل قواعد‬          ‫فكر في أبسط الأمثلة وهو أحد‬         ‫لتحديد ما سوف يستمر في‬
 ‫وموازين اللعبة في المستقبل غير‬     ‫تطبيقات السوشيال ميديا‪ ،‬مثل‬        ‫المستقبل من أفكار و»ترندات»‬
 ‫البعيد‪ ،‬ألا وهو الذكاء الصناعي‪.‬‬  ‫فيسبوك أو تويتر‪ ،‬وتداعياتها على‬
‫فكيف نستطيع أن نستخدم علوم‬         ‫العلاقات الاجتماعية للبشر سلبًا‬        ‫ومن اختراعات تكنولوجية‬
‫ودراسات المستقبل لرسم صورة‬        ‫أو إيجا ًبا‪ ،‬وكيف يمكن استغلالها‬     ‫وخلافه‪ ،‬وما يرجح أنه سوف‬
   ‫عن أحوال البشر في ظل الذكاء‬                                        ‫يذوي ويموت منها‪ ،‬ولذلك كان‬
‫الصناعي المدعم بالقدرات الخارقة‬         ‫في نشر الأكاذيب ونظريات‬        ‫من المنطقي ‪-‬ومن الضروري‬
  ‫للحوسبة الكمومية ‪Quantum‬‬              ‫المؤامرة‪ ،‬وكذلك في تحريك‬
                                  ‫الجموع وإثارة الثورات والقلاقل‬        ‫كذلك‪ -‬الاستعانة بعدة علوم‬
                  ‫‪computing‬؟‬                                          ‫وتخصصات مثل علوم التاريخ‬

                                                                         ‫وسيكلوجية البشر والتطور‬
                                                                      ‫بشقيه البيولوجي والاجتماعي‬

                                                                             ‫وعلم الإحصاء والعلوم‬
                                                                    ‫الاجتماعية والإنسانية‪ ..‬وغيرها‪،‬‬

                                                                      ‫بهدف دراسة وتحليل تفاعلات‬
                                                                          ‫البشر تاريخيًّا مع المواقف‬

                                                                      ‫والترندات المشابهة‪ ،‬والوصول‬
                                                                      ‫إحصائيًّا إلى ما يرجح أن يكون‬

                                                                          ‫عليه تفاعلهم مع ما سوف‬
                                                                    ‫يستجد في المستقبل‪ ،‬ومن بين ما‬

                                                                       ‫يسعى إليه الباحثون كذلك هو‬
                                                                      ‫استقراء ما سيحدث للبشر بعد‬
                                                                    ‫أن يستولي الذكاء الصناعي نفسه‬

                                                                        ‫على وظائفهم‪ ،‬ويح ِّو َل اعدا ًدا‬
                                                                     ‫كبيرة منهم إلى مواطنين زائدين‬

                                                                                        ‫عن الحاجة‪.‬‬
   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270