Page 90 - merit 39 feb 2022
P. 90

‫العـدد ‪38‬‬                           ‫‪88‬‬

                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫سميرة البوزيدي‬

‫(ليبيا)‬

‫الاقتراب من النار‬

                       ‫الأخير هو من يستدعيها؟‬     ‫هذا أفضل ما يمكن التعبير عنه فيما يخص الكتابة‪،‬‬
‫في معظم نصوصي مارست في الحقيقة غضبًا حا ًّدا‬           ‫وكم هو شرير أن يولد المرء شاع ًرا كما يقول‬
                                                                                       ‫باسترناك‪.‬‬
  ‫ضد الشعر‪ ،‬كتبت عن كرهي له وعن ضيقي من‬
‫الكتابة برمتها‪ ،‬بل وشتمته بقوة‪ ،‬تعاملت معه مثلما‬   ‫إن التعامل الجاد مع الكتابة‪ ،‬وبقدر ما ينتج كاتبًا‬
                                                        ‫عظي ًما‪ ،‬فإن الألم الناتج عن ذلك أكثر عظمة‪،‬‬
  ‫أتعامل مع رجل أحبه وأكرهه‪ ،‬أفر منه ولا أطيق‬
 ‫بعاده! فكان أن توقفت عن الكتابة لفترات قصيرة‬          ‫وهنا تحدي ًدا يكمن تساؤلي الدائم‪ :‬لماذا الكتابة‬
 ‫ضمن حالة هروبية طفولية‪ ،‬ولكنني أعود بسرعة‬           ‫قرينة الألم؟ وهل ما يجعلها متفردة كونها تنبع‬
                                                    ‫من المعاناة؟ لطالما هربت من الكتابة بكل أسبابها‬
      ‫بغضب وشوق! في الحقبقة هي علاقة جدلية‬        ‫كالحب والهم والخوف والسعادة‪ ،‬فهل كنت أهرب‬
                              ‫ومركبة ومجنونة‪.‬‬
                                                                        ‫منها أم أهرب من أسبابها؟‬
     ‫لم أكتب منذ فترة‪ ،‬أكتفي‬                                                         ‫لست أدري!‬
       ‫بإعادة نشر النصوص‬
                                                                          ‫أقول لنفسي‪ :‬هل الشعر‬
   ‫القديمة‪ ،‬وأحيا ًنا عندما اقرأ‬                                   ‫يستدعي كل هذا الوجع؟ فالأمر‬
 ‫بعضها أستغرب من ركاكتها‪،‬‬                                          ‫يصبح مثلما يحمل المرء صخرة‬
                                                                    ‫على كتفه ويسير بها بلا نهاية!‬
       ‫وأتسائل‪ :‬كيف تهورت‬                                          ‫ليست حالة سيزيفية أو شعو ًرا‬
     ‫ونشرتها؟ بعضها أحذفه‬
   ‫والباقي أشذبه كزرع قديم‬                                           ‫اضطهاد ًّيا بين الشعر وبيني‪،‬‬
    ‫وحزين‪ .‬أفعل ذلك وأسأل‬                                           ‫ولكن مالذي يحدث إ ًذا؟ وكيف‬
  ‫نفسي‪ :‬هل تحتاج الكتابة إلى‬                                         ‫يتحول التعاطي مع الشعر إلى‬
    ‫الحب والحرب؟ هل تحتاج‬
  ‫إلى الموت والسعادة؟ ما الذي‬                                         ‫تعايش مع الألم مستمر؟ هل‬
    ‫يكفيها لتتوقف وهي تنطح‬                                         ‫الكتابة هي الدالة على الألم أم أن‬
   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95