Page 85 - merit 39 feb 2022
P. 85
83 إبداع ومبدعون
القصــة في ليبيا
رعب .شاهدها تدخل بهيئتها ومشيتها المعتادتين. زوجته وعدتها بمكافأة مجزية حين تتحقق النتائج
تجلس إلى منضدة على مبعدة بضعة أمتار منه على المستهدفة ،التي يبدو أنه لا شك في تحققها.
نحو يتيح لها مراقبته. اقترح عليها مرة أن يخرجا م ًعا هما والأطفال
استبد به التوتر .وجد نفسه ينهض ويتجه إليها، ويتعشوا في مطعم .طلب منها ارتداء البدلة التي
وكأن قوة ما تدفعه ،أو تجذبه ،إليها .لعلها دخلت شاهد المثيلة أمس ترديها .ونفس الحذاء والحقيبة.
مرحلة أخرى وسلطت عليه إحدى قواها الخارقة. -طيلة سنوات زواجنا لم يحدث أن طلبت مني مثل
اقترب منها ووقف أمامها .لاحظ أنها فوجئت هذا الطلب .ما الذي جد؟!
بتصرفه .بادرها دون إبطاء: -فقط لي مدة لم أرك تلبسينها .تذكرتها فاقترحتها
-لماذا تطاردينني؟!
-عفوا! عليك .تعجبني .تبدين فيها أكثر أناقة.
غابت فترة ،ثم خرجت بنفس البدلة والحذاء
-قلت لماذا تطاردينني كل هذه المدة؟!
-لعلك خلطت بيني وبين امرأة أخرى .أنا لا أعرفك والحقيبة.
أصبح على ثقة الآن من وجود مؤامرة متقنة .هي
حتى أطاردك.
-أنت تطاردينني من مقهى إلى مقهى ومن مدينة ومثيلتها لم تتركا شيئًا للصدفة .كأنها مؤامرة
مدبرة من قبل جهاز أمني مختص بالإرباك وإثارة
إلى مدينة .لماذا تفعلين ذلك ولصالح من؟!
-اسمع يا أستاذ .أنا مولودة في هذه المدينة وأقيم الحيرة لدى ضحاياه.
قرر أن يترك كل شيء ويختفي .ينتقل إلى مدينة
بها طوال عمري .لم أغادرها إلا لفترات قصيرة أخرى .إما هذا وإما الجنون أو الانتحار .أن يقال
ج ًّدا .يبدو أنك تمر بأزمة نفسية حادة تجعلك لأبنائه أن أباهم تخلى عنهم أفضل من أن يقال لهم
تتوهم.
-لا تخادعيني .أنت تطاردينني. إنه في مصحة للأمراض العقلية أو انتحر.
-اسمع يا أستاذ .رغم كل شيء تبدو شخ ًصا طلب من جهة العمل نقله إلى فرع لها في مدينة
أخرى .استجيب الطلب .ظل يتهرب من أسئلة
محتر ًما .يكفي أنك رغم انفعالك الشديد الواضح لم زملائه .هل بعت بيتك وستشتري بيتًا في المدينة
تستعمل ضدي ألفا ًظا مسيئة .لذا لا أريد أن أص ِّعد الأخرى .هل ستؤجر بيتك هنا وتستأجر هناك.
الموقف وأثير مشكلة بحيث تأتي الشرطة .لا أريد هل قمت بإجراءات نقل أطفالك إلى
مدارس هناك .اكتفى بالقول -إجابة
أن أراك تهان .الأفضل لكلينا أن تعود إلى رشدك
وتنسحب وتتركني في حالي. على أسئلتهم -إنه رتب الأمور
الترتيب الأمثل.
لم يجد ب ًّدا من الانسحاب .خرج مسر ًعا.
*** اليوم الذي قرر فيه الانتقال خرج كما
يخرج كل صباح .فكي لا يثير ريبة
في البيت أخذ ح َّما ًما بار ًدا .جهز شا ًيا .جلس إلى زوجته لم يحمل معه سوى الحقيبة
منضدة الردهة .أخذ يشرب الشاي دون متعة التي يحملها معه إلى العمل دائ ًما.
ويدخن .مفرش المنضدة كان مزدا ًنا بأشجار أضاف إلى محتوياتها فقط أوراقه
الثبوتية وبعض المستندات الأخرى
وأعشاب وأزهار وغزلان تمرح وعصافير تحوم. والمبلغ البسيط الذي توفر له في
وتتناثر عليه بضعة كتب ومجلات وصحف .وأي ًضا المصرف.
***
عليه علبة حبوب ارتفاع ضغط الدم وعلب بعض بعد أن رتب وضعه في المدينة
المسكناتَ .س ِهم قلي ًل .ثم وجد نفسه يتخذ قرا ًرا الجديدة ،تخير مقهى للجلوس فيه.
بعد فترة من جلوسه داهمته حالة
يخلصه من هذا الكابوس.