Page 88 - merit 39 feb 2022
P. 88
العـدد 38 86
فبراير ٢٠٢2
نجوى بن شتوان
(ليبيا)
الهوية
الأخرى ،إلى فجوة ظهر منها الحشو الجانبي للحافلة، تجنبت الرافعة التي تقطع الشارع مثلي ..رأيت واحدة
مالت الحافلة فضغط الريفي ظهر المقعد الذي أمامه أخرى عند شارة المرور ،وكانت ثالثة بعيدة ج ًّدا ،تشبثت
برجله ليقي نفسه الوقوع ،سال ماء طيني من حذائه بمقبض باب الحافلة وهي تمضي متمايلة ،مد رجل يده
المعصور ،اختلفت رائحة تربته ،تلطخت هويتي ثم اختفت إل َّي وأركبني ،كان يجلس تقريبًا خارج حدود الحافلة
عن عيني ،كنت ما أزال أحاول استعادة توازني للوقوف، المسرعة.
ارتطمت بالمقاعد ..اتسخت بذلتي الجديدة والتوت ربطة
مالت الحافلة نحو اليمين ،فملنا معها ،وتخطت يدي
عنقي على رقبتي ،ضج الركاب الذين ارتطمت بهم، الأسطوانة التي تتوسط السقف طوليًّا وتتدلى منها
قائلين عبارات دفع كثيرة ،دفعني بعضهم عنه لأنه أنشوطات جلدية ..مددت يدي ثانية للقبض على الأنشوطة
بالكاد يتوازن في وقوفه ،وحاول بعضهم تمكيني من فمالت الحافلة جهة اليسار ،ففقدت توازني ووقعت إلى
سطحها ،كانت المقاعد ممتلئة بالركاب ونصف أنشوطات
الأسطوانة ..صرخت بالسائق لما اشتد أمري: الأسطوانة ممسك بها ،تخطت نظارتي وجهي في الاهتزاز
هيه يا ..خفف السرعة. الحالي ،أردت اللحاق بها ،فانزلقت الأوراق من تحت
إبطي ،مد راكب يده تحت كرسيه ليساعدني في التقاط
رد حا ًل وكأنه كان ينتظر كلامي ليضاعف جنونه: نظارتي قبل أن يهشمها شيء ،ومد آخر يده ليلاحق
مانيش على فص خاتمك ولا خاتم أمك. أوراقي أسفل مقعده ،انزلقت هويتي أسفل قدم رجل من
الريف ،لمحت صرصا ًرا يمرق مسر ًعا فوق قدم الريفي
وانعطف بالحافلة المحتشدة قص ًدا إذ لم تكن الطريق
منعطفة أص ًل!
مضى هكذا ،وخمنت من حركة الحافلة أنه يدور حول