Page 96 - merit 39 feb 2022
P. 96

‫العـدد ‪38‬‬        ‫‪94‬‬

                                                         ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬  ‫د‪.‬شعيب خلف‬

‫رسوم القهر علي قشرة الجسد‪..‬‬

‫قراءة في مجموعة‬

‫«صندوق كرتوني يشبه الحياة»‬

‫قريبة أو بعيدة‪ ،‬تتقابل أو تتقاطع مع بعضها البعض؛‬         ‫يظل منطق القصة هو المنطق الأقرب والأهم لتفسير‬
      ‫لكنها في النهاية لا تخرج عن النسق العام لهذه‬
                                                           ‫حوادث التاريخ‪ ،‬تلك القصص التي تكون في أساس‬
   ‫الثقافة العربية التقليدية بكل ما تحمل من مواريث‬           ‫طبيعتها قصص تشتبك مع قصص‪ ،‬وأحداث تنبع‬
 ‫المحو والإثبات‪ ،‬السماح والمنع‪ ،‬الديكتاتورية الشعبية‬
                                                               ‫من أحداث‪ ،‬ومواقف تبني على مواقف‪ ،‬ذلك لأن‬
   ‫والرسمية‪ ،‬الجماعية والفردية‪ ،‬وهذا لا ينطبق على‬             ‫البنية السردية للمواقف الإنسانية تملأ فضاءات‬
‫الثقافة العربية وحدها في إطار الإنصاف؛ ولكنه سياق‬              ‫الوجود الذي تسبح في أمواجه أحداثه‪ ،‬الأحداث‬
                                                            ‫تفضي لبعضها البعض كما يفضي كل حدث لغيره‬
  ‫عام ونسق متجذر في كل ثقافة تقليدية مماثلة تعمل‬              ‫في سلسلة لا تنقطع من التواصل‪ ،‬التاريخ إذن لا‬
 ‫حسا ًبا للأسطوري والطقوسي والروحي على حساب‬                 ‫يستجيب لتفسيرات العلم وسببيته ومنطق تأويله‪،‬‬
                                                           ‫فمنطق المقدمات والنتائج يعيش في تربة مغايرة عن‬
                         ‫المنطق والعلم بكل أبعاده‪.‬‬       ‫تربة السرد والوصف‪ .‬التاريخ يقول إننا نعيش في ظل‬
      ‫لقد سيطرت الثقافة الذكورية من غير شك على‬              ‫ثقافة أبوية ذكورية مسيطرة‪ ،‬تنظر دائ ًما إلي جسد‬
      ‫تفسيرات وتأويلات وتحليلات الجسد النسوي‬             ‫المرأة نظرة تستحق معاودة النظر مرة بعد مرة خاصة‬
   ‫مما أحدث تشوي ًها وتوت ًرا متعم ًدا‪ ،‬ما زال موجو ًدا‬    ‫إذا كانت الذات الساردة ذا ًتا أنثوية تناقش مشكلات‬
   ‫في ذاكرة التاريخ الذي يثبت هذه النظرة التسلطية‬         ‫جسدها‪ ،‬وقضايا جنسها الذي يرى جسد المرأة جز ًءا‬
‫الديكتاتورية‪ ،‬مما ص َّدر هذا اليتم المقصود‪ ،‬والهشاشة‬        ‫لا يتجزأ‪ ،‬أو ينفصل‪ ،‬أو ينظر إليه منفر ًدا بعي ًدا عن‬
    ‫المتعمدة التي تحتاج إلى ثورة تحرير تخرج الذات‬         ‫جسد العالم‪ ،‬أو دون الأخذ في الاعتبار كينونة الجسد‬
     ‫المتسلطة من توهماتها‪ ،‬وتحرر هذا الجسد المثقل‬          ‫الثقافي المختزن في الذاكرة الذكورية التي هي بالطبع‬
     ‫بالقيود من داخل حوائط الرجال المغلقة في غرف‬         ‫نتيجة طبيعية لواقع ثقافي واجتماعي عام‪ ،‬تتناص فيه‬
   ‫عقله المركون فوق رفوف الصمت‪ :‬أ ًبا كان‪ ،‬أو أ ًخا‪،‬‬      ‫هذه الأبنية الجسدية‪ ،‬وتتأثر بالطبع مع أبنية جسدية‬
  ‫أو حبيبًا‪ ،‬لا فرق‪ ،‬فممارسة التسلط لا تحركها غيرة‬
 ‫عقائد بقدر ما تحركها أنساق مصالح‪ ،‬فالذي يسطو‬
   ‫علي حقها حين يجعل الود والمكانة لأخيها الولد‪ ،‬أو‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101