Page 100 - merit 39 feb 2022
P. 100

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪98‬‬

‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

    ‫قاتلة‪ ،‬وفق ًدا م ًّرا‪ ،‬خاصة أنها تعيش تجربة تعاني‬
 ‫منها الإنسانية جمي ًعا ‪-‬والمرأة على وجه الخصوص‪-‬‬
  ‫مربية‪ ،‬وحاضنة‪ ،‬لأبناء حينما يبلغون السعي يذهب‬

    ‫كل إلى حال سبيله‪ ،‬وينفصل بحياته عنها‪ ،‬وكأنها‬
‫محطة سير ينتهي عندها المسير في هذا الطريق لينتقل‬

   ‫لطريق آخر‪ ،‬كخاتمة لمرحلة‪ ،‬ليبدأ ثانية فوق طريق‬
                                          ‫جديد‪.‬‬

    ‫هنا تحدثت السيدة عن زواجها‪ ،‬وأنها أنجبت ول ًدا‬
      ‫وبنتًا «عادل في أمريكا‪ ،‬ونيرمين مع زوجها في‬
     ‫الخليج‪ ،‬وأنا هنا» (ص‪ ،)29‬وحدة مرة‪ ،‬ومعاناة‬

‫قاسية بعد الزواج‪ ،‬والولادة‪ ،‬وتربية الأبناء‪ ،‬وتعليمهم‪،‬‬
    ‫وتزويجهم‪ ،‬تأتي النهاية التي يمقتها كل من ربي‬

  ‫وعلم وزوج‪ ،‬ليعد لغيره من جديد‪ ،‬ويجني هو وهي‬
  ‫الوحشة والوحدة والفقد‪ ،‬وهذا ما قالته للشاب الذي‬
‫قابلته في الشركة حين لخصت له ما تكون عليه حياته‬

    ‫الثانية‪ ،‬وكأنها نبوءة حتمية‪ ،‬كما وصفها بعد ذلك‬
  ‫وص ًفا يتناسب مع حوارها الذي يأتي ميرا ًثا لسنين‬
‫من الخبرة والعناء جعله يراها جنية عجوز تجبره على‬
   ‫الإنصات إليها بقوة حينما تمنحه درو ًسا في الحياة‬
‫التمستها من تجرتها الشخصية التي انتهت بعد سنين‬
‫من الألفة مع أولادها وبيتها‪ ،‬ثم صارت وحيدة بعدها‪،‬‬
  ‫هذا حال الدنيا‪ ،‬كأس يتذوقه كثير من الناس خاصة‬
‫من كانوا في ظروفها‪ ،‬هنا تعرض عليه خارطة ما مرت‬
‫به من محطات‪ ،‬حين تخيل له ما سيحدث له كما حدث‬
 ‫لها‪ ،‬سيكون له محبوبة يتمني أن يتقدم لخطبتها‪ ،‬ثم‬
   ‫يمشيان م ًعا على الكورنيش مرتين في الأسبوع على‬
 ‫الأقل‪ ،‬ويحلمان م ًعا بإنجاب الأطفال‪ ،‬تقول له مذكرة‬
  ‫طول الوقت بتجربتها هي ونهايتها التي انتهت إليها‪،‬‬
‫الوحدة لا تنسى بالتقادم‪ ،‬ولا تنتهي بمرور الزمن‪ ،‬بل‬
  ‫هي طول الوقت مستيقظة في جنبات المكان‪ ،‬كعفريت‬
  ‫مصاحب‪ ،‬لا يصرفه الضوء‪ ،‬ولا تخيفه العتمة «هذه‬
‫الصورة تبدو واضحة في عينيك‪ ،‬لكن صدقني بعد كل‬

         ‫هذا‪ ،‬ستكون وحي ًدا‪ ،‬كما أنا الآن» (ص‪.)30‬‬
   ‫تستمر المرأة التي تعيش وحدتها وتريد أن تنتصر‬
 ‫عليها بالخروج للعمل في عرض مشكلتها‪ ،‬وإحساسها‬

     ‫بالوحدة والمرارة‪ ،‬ظهر ذلك جليًّا حين م َّر صانع‬
  ‫القهوة ووضع للشاب موظف تلقي طلبات التوظيف‬
‫قهوته وبجوارها مكعبات السكر‪ ،‬أشارت ناحية الطبق‬
   ‫تستدعي شيئًا من حلاوة الحياة المصطنع عله يبدد‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105