Page 101 - merit 39 feb 2022
P. 101
نون النسوة 9 9
طعم المرارة الدائم ولو للحظة بقائه في الحلق قبل
أن يذوب ويتلاشى طعمه شيئًا فشيئًا «هل تسمح
لي بتناول واحدة ،أحس بمرارة في حلقي» (ص.)30
وكما كان لأفعال الآخرين معها ما استدعي مناقشته
والتنديد به ،كان لفعلها مع المتقدمين معها في الوظيفة
ما يستدعي كشفه وإظهاره ،وكانت المرأة التي طوال
الوقت تشتكي من التسلط والوقوف ضدها ،انتهزت
هي الأخرى فرصة لإظهار معايب الأخريات ،هي
تعرضت للتنمر من المرأة الحامل في الشركة التي
ذهبت تبحث فيها عن بديل قاتل لوحدتها ،فلم تسلم
الأجساد المتقدمة للوظيفة من نظرتها الثاقبة ،وعيونها
الفاحصة ،وروحها الساخرة «الجميع يكتب بتعجل
وارتباك ،أحست أنهم جمي ًعا يتشابهون مع مكعبات
السكر الراقدة إلى جانب بعضها في الطبق الشفاف لا
يبان المكعب واض ًحا بكل أبعاده ،لأن جز ًءا منه يختفي
خلف مكعب آخر» (ص.)31
في قصة (النول يغزل مرتين) نجد نسرين الابنة
التي تتابع سيرة أمها حين كانت تجمع طفلاتها
الخمس ،تسهر معهن في حجرة الجلوس لتحدثهن
عن النول ،وكيف يغزل نسجه ،ومع كل خيط تلتف
خيوط الحكاية التي تنسجها مع نولها ،ويتشكل نسيج
الحكايا وخيوط النول حتى يكتمل النسيج ،وكأنها
تبغي من وراء هذا التواصل بين الأخوات ومنحهم
درو ًسا في التشابك مع بعضهما البعض والترابط فيما
بينهن ،يجب عليهن أن يك َّن خيو ًطا في ثوب واحد،
يجب أن تلتف خيوطهن ليكون في النهاية النسيج
المكتمل ،ولذلك كانت تفرح حين ترى عيونهن تلمع،
سعيدة بالحكايا وقد تحقق لها ذلك حين بقيت نسرين
على العهد تبحث عن كتاب الحكايا ،كتاب النول الذي
لم تجد من أخواتها تجاو ًبا معها في البحث عنه «فقد
ظلت مهمومة بمعرفة الجانب الخفي الذي لا تعرفه
مما لم تصرح به الأم» (ص .)34من هنا جاءت فلسفة
شراء البوصلة حين لم تجد النول الذي يبقي على
النسيج حيًّا متوار ًثا بين بناتها ،اشترت البوصلة التي
من خلالها تستطيع أن تعرف الاتجاه الصحيح الذي
فقدته منذ ماتت أمها ،لم تجد نسرين كتاب النول
الذي ظلت تبحث عنه لفترات طويلة ،من أين كانت
تأتي أمها بكتاب النول هذا ،من أين كانت تأتي أمها
بالحكايا التي تلمع لها عيونها وأخواتها «وضعتها