Page 103 - merit 39 feb 2022
P. 103
101 نون النسوة
القفز ،على التسلق ومراوغة الأسد والفرار منه دون والجفنين ،بدلت من ملامحها ،صورة المرأة المشرقة
أن يلتهمها» (ص .)56صورة فيها إسقاط واضح الموجودة في المرآة ،ليس لها علاقة بالمرأة الأخرى
القابعة هناك في القاع» (ص.)44
على الواقع ،على علاقة الرجل بالمرأة ،المرأة هنا تمثلها في قصة (ورق اللعب) التقت بطلة القصة بامرأتين
الفتاة لاعبة السيرك القادرة على القفز والمراوغة ،على
كأنهما شبحان لم تخرج من لقائهما إلا بخوف جامح
التسلق والفرار ،ومن هنا لا يستطيع الأسد التمكن سيطر عليها أثناء وبعد اللقاء ،المرأة الأولي هي من
منها ،الأسد الذي يمثل الرجل هنا ،وكأن العلاقة بين أتتها في مكان جلوسها ،ملثمة لا يظهر منها غير
الرجل والمرأة علاقة تربص ،كل منهما يتحين الفرصة
عينيها ،ألقت بأوراقها على الطاولة أمامها ،عرفت من
للوقيعة بالآخر ،وإن كان هذا التربص وصف به خلال ذلك أنها تريد أن تقرأ لها الطالع ،الرؤية التي
الرجل ،فقد وصفت المرأة بالمراوغة والفرار .السيدة قدمتها البطلة لهذه السيدة تقول إنها امرأة غير عادية،
خرجت من مدينة الألعاب لأنها لم تستطع التحمل، غير طبيعية ،ربما تتعامل مع أحد العفاريت ليعينها
علي مآربها ،خافت منها ،سألت في مخيلتها صديقها
أحست باضطراب شديد ،دخنت سيجا ًرا على غير الفيلسوف فأجابها جوا ًبا متخي ًل ،إن هذا الأمر غير
عادتها ،ذهبت للتفرج على عالم المدينة حولها «التي معقول ،وأنها تتخيل كل ما حدث ،حين دخلت الحمام
تتوزع إلى غرف بلاستيكية ،وخيم تنطوي على حيلها وجدث امرأة تظهر في المرآة بمواصفات مخيفة كما
وحكاياتها وخفاياها» (ص .)57بعد هذه المشاهد حدث مع العرافة سابقتها ،هنا ننظر لها بعد هذين
المتتابعة لهذه السيدة بين داخل وخارج مدينة الألعاب المشهدين حين خلصت منهما حائرة مضطربة ما بين
وصلت إلى نتيجة إنسانية مهمة «في مدينة الألعاب
تعود الأشياء إلى أماكنها المناسبة ،ويبدو الأشخاص تصديق نفسها واللجوء لمعرفة رأي أصدقائها إذا
حكت لهم ،مهند حبيبها الغائب الذي فضل المال على
على حقيقتهم أكثر مما هم في الحياة» (ص.)59 الحب حين تركها وذهب إلى إيطاليا ،يرسم الوجوه
في قصة (الضوء) نموذج جديد لامرأة كفيفة ،تتمتع مقابل المال؛ لكنها في النهاية تركن لرأيه وترى أنه هو
من سيصدقها حين تحكي له ،وصديقها الفيلسوف
في نظر الراوي بالحرية التي لا تتوفر له حين لا لا يصدق هذا الأمر ويحيله إلى التخييل والهلاوس
تقع ضحية المقارنة بين النور والعتمة ،كانت الجارة
الكفيفة تتسلي بالغناء ،تعرف أن صوتها شجي ويدفع وإحالات العقل الباطن.
للبكاء ،كانت تقطر أحزان بصيرتها في أغنيات متنوعة في قصة مدينة الألعاب تخاف السيدة التي ذهبت
عن القدر الحال ،حرة في رأي جارها لتجردها من لمشاهدة العرض مما يحدث في مدينة الألعاب،
المقارنة بين النور والعتمة ،بعيدة عن إطار المعاناة التي حركة الفتاة على الحبل والأسد الرابض على الأرض،
عاشت فيه بطلات قصص المجموعة حين كان الصراع الوحيدة بين المشاهدين الكبار والصغار التي أصابها
الاضطراب «تجنبت مرا ًرا الدخول لمدينة الألعاب ،إنها
محتد ًما بين الداخل والخارج .سهى التي أحبت مكان مفزع بالنسبة لها ،كل ما فيه يدفع للدوار ،لأن
شا ًّبا يبحث عن العتمة ،حتى في حبه لها عشق سواد الأشياء تكون في موضعها المناسب تما ًما ،وفي العالم
ملبسها التي تتزيا به دون غيرها من بنات العمارة، الخارجي الأشياء لا تكون على هذا الحال ،العالم في
حتى ضفيرتها السوداء كانت عام ًل من عوامل الجذب الخارج مضطرب ،ومدينة الألعاب تخلق اضطرابها
له «يوم صارحته سهي بأنها تحبه ،رأي في عينيها
الخاص ،الذي تراه منظ ًما مقارنة مع اضطراب
ذلك الوميض الذي يخيفه ،ويدفعه للهروب ،لمعت العالم» (ص .)55هذه المرأة يتجادل داخلها صوتان:
عيناها السودوان بسطوع وبدا له اللمعان مثل خيوط الصوت الأول :أنها لو مكان لاعبة السيرك سيلتهمها
الأسد لا محالة ،وصوت العقل يقول لها إنها لاعبة
تنطلق من عينيها لتكبله ،فسارع بالفرار وتركها سيرك ،لاعبة تعرف كيف تمشي على الحبال الرفيعة،
وحيدة» (ص.)62
وصوت آخر يرد «لا يهم ،لا يهم ،لكنها قادرة على
في قصة (محطة نيويورك بئر ستوكهولم) نجد هذا
التباعد بين الحبيبين الذي رأيناه في القصة السالفة
حين يقابل الرجل الحبيب حب محبوبته بالفرار
والبعد ،إحساس صعب حين تلاقي المرأة الحبيبة