Page 107 - merit 39 feb 2022
P. 107
نون النسوة 1 0 5 وتغترب عن الحياة الفعلية .وتستهل الكاتبة تلك
المسارات بد ًءا من عنوان مجموعتها الذي يشي
«كيف أشرح لك يا خليل ..سلمى لديها تلك بالانغلاق والجمع والحفظ عبر مفردة «الصندوق»،
الطلة الملكية ،ربما هي ليست فاتنة الفاتنات، التي ترتبط دلاليًّا في الميثولوجيا الإغريقية بالشرور
البشرية والأمل الزائف الصادرين من «صندوق
لكنها تمتلك نظرة مترفعة تتحدى العالم باندروا» ،وكذلك في المخيال الشعبي برؤية الدنيا
بسخرية واضحة ،لكن ليس هذا هو المهم فقط، -دون معايشتها -من خلال عدسة زجاجية مركبة
سلمى خلقت في داخلي حالة من الفرح ،أنا عاجز في «صندوق الدنيا» الذي يحمله متجول على ظهره
يروي الحكايات .وهي دلالات تبرز مقروئية النص
عن الشرح ،أو الوصف بدقة لما حدث معي». كله وتكشف مقاصده الظاهرة والخفية؛ فقصص
(ص)9 المجموعة تتمحور في أغلبها حول مشاعر الفقد
والحنين والوحدة ،ومحاولات البحث عن الخلاص.
وتماشيًا مع الأدوار الاجتماعية التي قد ُتجبر المرأة
على أدائها نتيجة لظروف معيشية أو اقتصادية أو وتحتل المرأة -بأدوارها المتعددة :أم وزوجة
عائلية غير متزنة ،تطل علينا «آنهيمالا» -أو آمنة وابنة وحبيبة ،أو عاملة ومعيلة ومرتحلة-
كما أسماها سيد البيت الذي تعمل به -الخادمة المساحة الرئيسة بالسرد ،الذي تتنقل مشاهده
السمراء المريضة التي تركت بلدها البعيد قاصدة بين تجارب مثيرة تصف تفاصيل عالم المرأة
بل ًدا غريبًا كي توفر لأسرتها مبل ًغا جي ًّدا من المال
يساعدها على الحياة ،-لتجسد وج ًها آخر من وجوه وترصد مشاعرها .وبقدر ما يتجسد دور المرأة في
التشوه الاجتماعي الذي يظهر في غياب التواصل النصوص ،فإن الرجل يكون بالضرورة حاض ًرا
في الخطاب السردي داخل سياق من الصراع
بين المرأة كـ»سيدة» والمرأة كـ»خادمة» رغم والخلاف من ناحية ،وضمن علاقة من السكن
وجودهما م ًعا داخل بيت واحد تارة ،وكذلك في والألفة من ناحية أخرى .وفي الواقع ،عندما تكتب
إصرار الزوج على استغلال زوجته ،ماد ًّيا ونفسيًّا، المرأة عن ذاتها تكون الأجدر على التعبير عن
بإنفاق أموالها على متعته الشخصية بد ًل من رعاية سيكولوجياتها وهمومها واهتماماتها ،كما اتضح
طفلهما تارة أخرى ،مما يضطر «آمنة» إلى التمرد جليًّا من الإشكالات الاجتماعية /النفسية المتعلقة
أخي ًرا والدفاع عن حقها في تحقيق حريتها: بالمرأة كتيمات متكررة ارتبطت بها معظم نصوص
«فقد اكتشفت السيدة أن آمنة لم تعترض من المجموعة.
قبل على أي نوع من الأوامر أو التعليمات ،لذا لم
تكن تدخل معها في جدل ،أما الآن وهي تحاول ففي «صندوق كرتوني يشبه الحياة» تبرز لنا
«سلمى» بائعة الهوى في صورة غير نمطية للمرأة
إقناعها بخطورة الموقف ،فقد ارتفع صوت العاهرة المنعوتة دو ًما بالاحتقار ،فهي طالبة تدرس
آمنة عن مستواه المعتاد لأول مرة منذ دخولها
إلى البيت .كانت آمنة تتحدث بصوت مرتفع، في الجامعة المفتوحة وتعمل سكرتيرة بإحدى
وبعبارات متتالية ،بلهجتها المحلية التي لم تكن الشركات ،تؤكد من خلالها الكاتبة ارتباط تلك المهنة
أحيا ًنا بالقهر الاجتماعي والظروف المعيشية السيئة
السيدة تفهم كلمة منها»( .ص)20 التي قد تجبر المرأة على ممارسة هذا الدور ،فتصبح
وفي «بيت الأرابيسك» تتكثف مشاعر العزلة
والوحدة عبر حكي الشخصية عن ذاتها بضمير -في النهاية -ضحية لعالم قاس تحاول أن تتحداه
المتكلم الذي يكشف مشاعرها من الداخل ويؤكد بسخرية واضحة .وهي -مع كل تلك المعاناة-
حضورها الكامل بالنص؛ فتسرد تجربتها مع وحدها من يحمل الخلاص لسارد القصة الذي
الزواج القسري واضطرارها إلى العيش مع زوج
بغيض في بيت يحبسها داخله كالقطط ،كما تطرح يحكي لمسرود له غائب يدعى «خليل» -قد يكون
القصة صورة الأم -غير المألوفة -عندما تمثل هو نفسه السارد -عن واقعه الروتيني المأزوم الذي
شك ًل من أشكال الإقصاء الذي تعاني منه الأنثى
في المجتمع ،وذلك من خلال غياب دورها المعنوي بدده ظهور «سلمى» رغم قبح عالمها وقسوته:
المعروف وتكريسها لنسق تفوق الذكور وضرورة