Page 109 - merit 39 feb 2022
P. 109
نون النسوة 1 0 7 يتجه شما ًل» التي تدور حول امرأة ترعى طفلها
في منزل أبيها ،وتضطر في نهاية الأمر إلى قتل
واستمرت كما تستمر الحرب»( .ص)71 -70 أبيها الذي دمر حياتها ،وفق تعبيرها ،فيسرد
تمثيلات العزلة داخل النص الابن لصديقته حكاية فقده لوالدته بعد تلك النهاية
المأساوية:
انعكست أجواء العزلة الاجتماعية بالحتمية على
الملامح الفنية لقصص المجموعة ،وكان أبرزها «ذهبت أمي إلى سجنها ،وذهب جدي إلى مثواه
اهتمام الكاتبة بالتشكيل المكاني ودخوله في علاقة الأخير ،ولم أ َر رجل البحر مرة أخرى ،حملني
بنائية متضافرة مع المكونات الحكائية الأخرى خالي معه إلى البرازيل ليبتر كل خيوط ذاكرتي،
للسرد ،وعلى رأسها الشخصيات .وعبر هذه العلاقة ليشكلني على هواه .أنا الشاهد الوحيد على كل
المتشابكة اتخذ المكان في النص دلالته المؤثرة من ما كان ..أنا طفل رجل البحر ،ما زلت أذكر حتى
خلال تأثيره في الشخصية وتأثير الشخصية فيه. الآن أغنية أمي ،تلك الأغنية البحرية عن رجل
وهنا جاء وصف المكان في معظم قصص المجموعة البحر .لكن أنا الآن هنا ،أمام بحر بعيد ،غريب،
ليعبر عن العزلة التي كان يعيش فيها صاحبه،
فأصبح كاش ًفا للحالة الشعورية التي تعيشها معظم ليس له صلة مع ذاكرة بحر آخر»( .ص)24
وتسيطر أجواء الغربة على الأبطال جمي ًعا -الرجال
الشخصيات.
وبذلك قدمت الكاتبة وص ًفا لـ»بيت الأرابيسك» والنساء -في القصة الطويلة «محطة نيويورك..
بئر استكهولم” التي تعاني فيها “سحر» المهاجرة
يشير إلى حالة الاغتراب التي تعاني منها إلى استكهولم ،وحبيبها المهاجر أي ًضا إلى نيويورك،
الشخصية ،فكان منزلها يحمل لها دلالتين من حالة اغتراب -مكاني ونفسي -بعد انفصالهما
متناقضتين ،فهو «الملجأ» الذي تهرب إليه لتحتمي
داخله من الحرارة المرتفعة وازدحام البشر وقرار كل منهما بالهجرة إلى بلد بعيد في نهاية
بالخارج ،وفي الوقت ذاته هو «السجن» الذي تشعر علاقة حب ،غير محددة الملامح ،جمعت بينهما
فيه بالضيق الشديد الناجم عن شعورها بالوحدة وتسبب لهما في الاضطراب ،إلى حد تشبيهها
بالحرب التي بدأت معها قصتهما .وهنا تضفر
والعزلة: الكاتبة ،بحيلة فنية بارعة ،بين الهم العام والهم
«الحرارة مرتفعة ،الشمس ترسل مراسيلها الخاص؛ فالأحداث التاريخية (الحروب) تسير في
عبر الثقوب المحفورة في الخشب ،ألمس ثقوب خط مواز لما يجرى بين الحبيبين (علاقة الحب)،
الأرابيسك بأصابعي ،سطحها ناعم ،تجاويف ويقوم هذا التعالق (بين العام والخاص) على دلالة
غائرة ،حادة قلي ًل ،أشم رائحة غبار قديمة، رمزية مشتركة بحيث يكون إحساس القارئ
جانب وجهي ملتصق بالجدار قرب النافذة، واح ًدا إزاء ما يجري ،فالكاتبة تقدم وجهين أحدهما
أصوات هدير السيارات ترتفع بصخب ،أبصر يكشف الآخر ،فما يصيب البطلين من ضعف
سيارة نقل كبيرة تتكدس فيها أجساد عمال وتراجع وانعزال نجده يتزامن مع انهيار الوطن:
بناء ،كوت الشمس جلودهم بلا رحمة .أنا هنا «كلاهما يوغل السير بعي ًدا على خطه ،وكلاهما
في الظل ،أحرك مقبض النافذة ،صوت صرير يبصر الآخر ولا يبصره ،لنقل إنه يبصره
عتيق ،حين أفتح النافذة تتسلل إلى البيت ويتجاهله .كلاهما يعرف أن الآخر موجود في
روائح كثيرة ،بعضها شهي يدفعني للتفكير مكان ما من هذا العالم .كلاهما يدرك الآخر.
بالطهي ،بدمج مكونات كثيرة ،لإعداد وجبة وكلاهما يستمر في تجاهل الرغبة بتحويل هذا
عشاء مميزة ،فقد تمكنت أخي ًرا من فتح النافذة». الإدراك إلى واقع ،الخوف من الواقع ،من مواجهة
الحقيقة يجعل كل منهما ثاب ًتا في مكانه .لقد
(ص)39 بدأت قصتهما مع الحرب ،لهما بداية مشتركة
وهو ما نلحظه كذلك في وصف الكاتبة للمكان في بدأت كوقع القنابل ،بدأت كما تبدأ الحرب،
«الضوء» حيث تقوم بتقديم وصف ذاتي تخالطه