Page 111 - merit 39 feb 2022
P. 111

‫نون النسوة ‪1 0 9‬‬                                      ‫هيأتها العامة‪ ،‬تنورتها الرمادية القطنية التي‬
                                                        ‫تتناسب مع لون شعرها الرمادي والمنكوش‬
    ‫أمام الحاجة إلى المال وسفره إلى إيطاليا‪ ،‬وكذلك‬
  ‫الأيام الأخيرة لقريبتها «وداد» التي هزمها مرض‬     ‫قلي ًل‪ ،‬قميصها الأبيض يبدو أنه غير معتن بكيه‬
‫السرطان‪ ،‬فتحاول تفسير كل ما يجرى حولها عبر‬          ‫بطريقة جيدة‪ ،‬ثم حذاؤها الباهت القديم»‪( .‬صـ‬
‫التفكير في نبوءات عرافة خبيثة لا تعرف هل ظهرت‬
 ‫لها بالفعل بالمقهى الذي كانت تجلس به أم أنها قد‬                                              ‫‪)28‬‬
                                                        ‫ولعل تضافر بعض الإشارات الغرائبية بنسيج‬
                                ‫تخيلت وجودها‪:‬‬           ‫الأحداث الواقعية في بعض نصوص المجموعة‪،‬‬
   ‫«ربما تكون هذه السيدة حقيقية‪ ،‬ورق اللعب‬
                                                          ‫مثل «ورقة لعب»‪ ،‬جاءت وسيلة لفهم الواقع‬
     ‫اهتز أمامي على الطاولة فع ًل‪ ،‬لكنها غادرت‬         ‫لدى الشخصيات المغتربة وليس طريقة للهروب‬
     ‫المقهى لسبب أجهله‪ .‬ربما ما حدث جزء من‬             ‫منه؛ فالهلاوس التي تصيب بطلة القصة تجعلها‬
   ‫الحقيقة فقط‪ ،‬أي أن يكون هناك امرأة ظهرت‬
 ‫بالفعل ورمت ورق اللعب أمامي‪ ،‬وعرضت عل َّي‬               ‫تفكر في معنى «اليقين» واحتمالات «الحقيقة»‪،‬‬
‫قراءة الطالع‪ ،‬لكن الورق لم يهتز أب ًدا»‪( .‬ص‪)52‬‬       ‫فيستعيد ذهنها قصة حبها لـ»منهد» التي انهزمت‬
       ‫وهو ما نلحظه أي ًضا من خلال مزج الشعبي‬
‫بالغرائبي في «صندوق كرتوني يشبه الحياة»‪ ،‬حيث‬
   ‫جاء «الصندوق» وسيلة تتيح لبطل القصة تمثيل‬
   ‫حالته النفسية المتذبذبة بين البهجة والنفور‪ ،‬بين‬
   ‫الحلم الساحر الذي بدأ بمقابلة «سلمى» والواقع‬

          ‫الصادم الذي انتهى برؤية عالمها القبيح‪:‬‬
   ‫فبعد أن كان الصندوق في الصباح «تنطلق منه‬
‫أشياء سحرية وحدك تراها‪ ،‬مظلة تعزف ألحا ًنا‬
    ‫ثم تطير في السماء‪ ،‬قزم يرقص وهو يرتدي‬

     ‫قبعة حمراء‪ ،‬تنين مجنح يطلق النيران من‬
   ‫فمه‪ ،‬جنية لطيفة تحلق على مستوى بصرك‪،‬‬
 ‫فتحول غبار المدينة إلى ألوان قوس قزح‪ ،‬تحيل‬
  ‫الشوارع المزدحمة والقذرة إلى شوارع يتجمهر‬

       ‫فيها الناس ببهجة كما لو أنهم يستعدون‬
     ‫لكرنفال»‪( .‬ص‪ ،)5‬بدا لي ًل «أشبه بصندوق‬

          ‫حديدي يصدر غازات سامة»‪( .‬ص‪)11‬‬
‫وفي النهاية‪ ،‬نجد أننا أمام نصوص مغايرة تكشف‪،‬‬
 ‫في مجملها السردي‪ ،‬عن بعض المشاكل الاجتماعية‬

   ‫التي قد تصيب الأفراد بالعزلة والغربة‪ ،‬وتسهم‬
      ‫في اغترابهم عن ذواتهم أو عن مجتمعاتهم أو‬

    ‫عن كليهما م ًعا‪ .‬وتجسد كذلك محاولات البعض‬
    ‫للخروج من أزماتهم وتحدي أوجاعهم الداخلية‬
‫وظروفهم الخارجية‪ .‬وترصد المجموعة ‪-‬بالأخص‪-‬‬
‫نماذج متعددة من عزلة المرأة التي تنبع في الأساس‬
 ‫من ضرورة أداء الأدوار المفروضة عليها مجتمعيًّا‪،‬‬
    ‫ومن التحديات التي تواجهها من أجل إزالة هذه‬

                                 ‫القوالب النمطية‬
   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116