Page 115 - merit 39 feb 2022
P. 115

‫نون النسوة ‪1 1 3‬‬                                     ‫ملازمة لطبع سحر ونفسيتها ومشاعرها الغامضة‪،‬‬
                                                      ‫بينما بانت لنا نيويورك وكأنها صدى لمشاعر بطل‬
    ‫آنهمالا بصفة الأمانة في خدمة تلك العائلة‪ ،‬لكن‬     ‫القصة وقلقه وانتظاره وشكوكه‪ ،‬بل وحتى عاداته‬
 ‫مرضها سيدفع صاحبة البيت إلى محاولة ترحيلها‬           ‫اليومية أحيا ًنا‪ ،‬يبقى سؤال مطروح‪ :‬لماذا بقي بطل‬
  ‫واسترجاع ما دفعته من أموال لإحضارها‪ ،‬فجاء‬
 ‫الاسم المسند إليها وظيفيًّا ليدل على طبيعة العلاقة‬     ‫القصة دون اسم بينما كان يستعيد ذكرياته مع‬
 ‫التي كانت تربطها بأهل البيت‪ ،‬الخالية من الجانب‬                                     ‫«سحر» عشيقته؟‬

    ‫الإنساني رغم تمتعها ببعض الحقوق‪ ،‬وما تملي‬        ‫يمكن القول (دون السهو عن إمكانية تعدد القراءات‬
    ‫عليهم حالتها الصحية من علاجها وإنقاذها من‬        ‫في هذا المضمار)‪ ،‬أن القدرة على التحرر من ذكريات‬

                                         ‫الموت‪.‬‬          ‫الماضي هي التي دفعت سحر إلى إعادة صياغة‬
                                                        ‫قصتهما من جديد بكل تفاصيلها‪ ،‬أي سعيها إلى‬
               ‫الخاتمة‪:‬‬                              ‫التأسيس لهوية قصصية ممكنة‪ ،‬بينما بقي عشيقها‬
                                                        ‫أسير آلامه‪ ‬وما خلفه فراق حبيبته في نفسه من‬
     ‫نستنتج أن تعريف الشخصية القصصية لدى‬
     ‫الكاتبة لنا عبد الرحمن لا يتوقف على إسنادها‬          ‫أسى ولوعة‪ ،‬أي الحفاظ على ملامح شخصيته‬
 ‫اس ًما‪ ،‬بل بإبراز علاقتها بالزمان والمكان ونظرتها‬                             ‫بذكرياتها وهواجسها‪.‬‬
   ‫إلى نفسها وإلى آخرين‪ ،‬لذلك كان للوصف أهمية‬
                                                             ‫‪ -5‬الشخصيات المعرفة‬
       ‫قصوى في مراحل السرد وتشكيل البناء‬                        ‫والحاملة لاسم‪:‬‬
    ‫القصصي في المجموعة «صندوق‬
                                                           ‫تشكو الشخصية الرئيسية في قصة «خمسة‬
        ‫كرتوني يشبه الحياة»‪.‬‬                              ‫وجوه في عالم حياة» من اكتئاب جعلها تفقد‬
   ‫لذلك اختارت الكاتبة لغة‬                           ‫رغبتها في العيش‪ ،‬وتدور أحداث القصة حول كيفية‬
                                                       ‫تهيئتها لاستقبال أصدقائها يوم ميلادها رغم ما‬
      ‫سلسة قريبة من اللغة‬                                ‫كانت تشعر به من يأس وإحباط‪ ،‬كانت تتظاهر‬
      ‫الإعلامية دون أن تفقد جماليتها‬                     ‫بالاحتفال بحياة لا تحبها ولا ترغب فيها‪ ،‬ومع‬
    ‫ولا طابعها الأدبي‪ ،‬لتنقل لنا عوالم‬                     ‫ذلك سميت تلك الشخصية «حياة»‪ ،‬اسم بلا‬
   ‫شخصياتها بما تزخر به من حيوية‬                       ‫مدلول كما جاء بالقصة‪ ،‬لا يعدو أن يكون سوى‬
 ‫وتعقيد‪ ،‬فلم تنج الشخصيات‬
‫المعرفة من الإحساس‬                                               ‫قناع أو شكل‪ ،‬كما كان حال صاحبته‪.‬‬
   ‫العميق بالغربة‬                                           ‫أما في قصة «آنهمالا»‪ ،‬وهو الاسم الحقيقي‬
   ‫رغم أنها كانت‬                                              ‫لخادمة قدمت للعمل لدى إحدى العائلات‪،‬‬
     ‫تحمل أسماء‬                                              ‫فيسند إليها سيد البيت اسم آمنة لصعوبة‬

                                                                 ‫نطق اسمها الحقيقي حسب رأيه‪ ،‬وفي‬
                                                                ‫الحقيقة فللاسم علاقة بالانتماء الثقافي‬
                                                               ‫والاجتماعي‪ ،‬إذ يعني إبداله باسم جديد‬

                                                                   ‫انفصال الخادمة عن بيئتها الأصلية‬
                                                                         ‫وانتمائها إلى محيط آخر‪ ،‬وقد‬
                                                                             ‫تزامن مع إلزامها بتغطية‬

                                                                       ‫رأسها رغم تمكينها من المواظبة‬
                                                                          ‫على الذهاب إلى الكنيسة‪ ،‬أما‬
                                                                            ‫عن مدلوله‪ ،‬فهو أن تتحلى‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120