Page 120 - merit 39 feb 2022
P. 120
العـدد 38 118
فبراير ٢٠٢2
د.أكمل صفوت
لماذا فشل مبحث مقاصد
الشريعة في التعامل مع
توتر القرآن؟ رؤية نقدية
إشارة إلى الفلسفة والحكمة وراء المشكلتين أن ظلت المحاولات عانى تعامل المفسرين مع توتر
الفعل أو الأمر .ومن البديهي -رغم تعدد منطلقاتها -حبيسة
القرآن من مشكلتين.
أنه لا يمكن الوصول إلى الحكمة الماضى ،أسيرة التكرار ،تعيد المشكلة الأولى :هي ثنائية فكرية:
دون امتلاك نظرة كلية شاملة إنتاج نفس الأفكار القديمة بألفاظ (ناسخ ومنسوخ ،خاص وعام،
محكم ومتشابه ،ظاهر وباطن..
للدين وللشرع .وحيث إن الحكمة جديدة. إلخ) قصرت الناتج الفكري على
بطبيعتها قادرة على استيعاب مبحث /علم مقاصد الشريعة أحد طرفي المعادلة مع إقصاء تام
المتناقضات والاحتفاء بالتعدد، هو أحدث الآليات الفكرية التي
فالبحث في حكمة المقاصد قد استخدمها المفسرون للتعامل مع للآخر ،وحجبت إمكانية ظهور
تمكننا إ ًذا من تجاوز الثنائيات توتر القرآن .للوهلة الأولى يوحي معاني أو تفسيرات أخرى.
الإقصائية في التفكير. اسم «مقاصد الشريعة» بأن هذا المشكلة الثانية (وهي بدرجة
والبحث في المقاصد قد يحررنا المبحث قد امتلك من الأدوات
ما يمكنه من تجاوز المشكلتين ما ،نتيجة للمشكلة الأولى) :هي
أي ًضا من أسر التاريخ ،فالمقصد رؤية مج َّزأة ومفتتة تتعامل مع
بطبيعته غير متحقق في اللحظة السابقتين. القرآن آية آية ،أو سورة سورة،
الآنية (وإن كان قد يتحقق في فكلمة مقاصد تعني «الغاية أو
المستقبل إذا استوفت شروطه). الهدف أو المراد» .يقول الشاطبي بشكل عاجز عن رؤية التوتر
المقاصد إ ًذا كلمة تشير إلى الأمام، (المتوفي عام ١٣٨٨ميلادية): داخل النسق أو الأنساق الكبرى
وإلى استلهام الحكمة في لحظة «المقاصد أرواح الأعمال» ،في
المتشابكة في القرآن.
وقد كان من نتيجة هاتين