Page 124 - merit 39 feb 2022
P. 124

‫وضعت آيات الحدود حدو ًدا للفكر‬
                                       ‫وللتفسير ولخيال المفسرين‬

                                  ‫ولبوصلتهم الأخلاقية ولطموحهم‬

                                  ‫الإنساني‪ ،‬فلم يأتوا بجديد وصارت‬

                                        ‫تلك المقاصد الكلية طوط ًما ظل‬
                                  ‫المفسرون يطوفون حوله لقرون‪ ،‬قبل‬

                                  ‫أن يتجرأ بن عاشور ويقترح إضافة‬

‫أحمد الريسوني‬                     ‫مقصد الحرية لتلك المقاصد من دون‬
                                     ‫أن يمسها هي بالنقد أو التغيير‪.‬‬

  ‫المشكلة الخامسة‪:‬‬                 ‫الشريعة قد أثبت للشريعة ريادة‬            ‫حدود الحاضر لا يتجاوزه ولا‬
 ‫الانحراف عن مقاصد‬                ‫فكرية سابقة لعصرها وبع ًدا دينيًّا‬                         ‫يأتي بجديد‪.‬‬
  ‫التشريع إلى تشريع‬
                                      ‫وإنسانيًّا و مستقبليًّا بامتياز‪.‬‬          ‫على النقيض من ذلك يمكن‬
       ‫المقاصد‬                          ‫ونموذج آخر مشابه هو ما‬               ‫اعتبار مقصد الحرية الذي دعا‬
                                        ‫سماه علال الفاسي «أوامر‬               ‫إليه بن عاشور هو الأقرب لما‬
    ‫بد ًل من أن يحاول المفسرون‬          ‫الإرشاد» في الشريعة وهي‬            ‫يمكن اعتباره من المقاصد الكلية‬
   ‫التوسع في البحث عن مقاصد‬            ‫الأحكام المتدرجة التي ترشد‬            ‫للشريعة‪ ،‬فبالإضافة لما أتى به‬
  ‫الشريعة في غير آيات الأحكام‪،‬‬
‫قرروا أن يزيدوا ما يمكن اعتباره‬     ‫المسلمين إلى أن يواصلوا السير‬             ‫بن عاشور من الأدلة الفقهية‬
‫من نصوص الأحكام‪ .‬فقال علال‬             ‫في اتجاه معين‪ ،‬ومثاله إلغاء‬           ‫يمكننا أن نذكر أن حرية الفرد‬
  ‫الفاسي‪« ،‬وآيات الأحكام قدرها‬                                                ‫وحرية الجماعات (كالأقليات‬
  ‫الغزالي وابن العربي بخمسمائة‬       ‫الرق‪ ،‬فرغم أن الإسلام لم يلغ‬
  ‫آية‪ ،‬واقتصروا في تقديرها على‬           ‫الرق إلا أن تشريعاته التي‬             ‫العرقية أو الدينية) كمفهوم‬
  ‫هذا العدد‪ ،‬لأنهم رأوا مقاتل بن‬                                          ‫إنساني وسياسي وكواقع معاش‪،‬‬
 ‫سليمان وهو أول من أفرد آيات‬         ‫أقفلت باب الاسترقاق وفتحت‬
   ‫الأحكام في تصنيف‪ ،‬قد جعلها‬        ‫باب العتق (وكذا سائر الأوامر‬            ‫مقصد مستقبلي لم يتحقق بعد‬
 ‫‪ ٥٠٠‬آية‪ ،‬وقد نازعهم بن دقيق‬       ‫الخاصة بالمساواة والعدل) كانت‬            ‫لا للمسلمين ولا للبشرية كلها‪،‬‬
                                      ‫في مجملها أم ًرا إرشاد ًّيا داعيًا‬  ‫وأن العبودية والاستعباد كانا من‬
     ‫عيد في هذا المقال‪ ،‬وإن آيات‬     ‫للمسلمين أن يمضوا في اتجاه‬             ‫صفات المجتمع الجاهلي وصنو‬
   ‫الأحكام غير منحصرة في هذا‬                                                 ‫معظم الحضارات القديمة وأن‬
‫العدد‪ ،‬والراسخ في علوم الشريعة‬          ‫إلغاء الرق ومنع الإستعباد‪.‬‬           ‫هذا الأمر استمر إلى يومنا هذا‬
 ‫يعرف أن من أصولها وأحكامها‬          ‫ما نلاحظه للأسف هو ضعف‬                  ‫في شكل ممارسات استعمارية‬
                                    ‫وقلة الدراسات المستخدمة لهذه‬           ‫ودكتاتوريات سياسية واستعباد‬
     ‫ما يؤخذ من موارد متعددة‪،‬‬        ‫الآلية والباحثة في تلك المقاصد‬
 ‫حتى الآيات الواردة في القصص‬                                                   ‫اقتصادي‪ .‬وعليه فمن اعتقد‬
                                                       ‫وأشباهها‪.‬‬              ‫وأثبت أن الحرية من مقاصد‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129