Page 129 - merit 39 feb 2022
P. 129
127 تجديد الخطاب
محمد محمود الطبلاوي محمد صديق المنشاوي عبد الباسط عبد الصمد البكاء والنهنهة ،والتوقف وسط
القراءة ،والميل للأصوات الرفيعة،
المقدس ،والانتشاء الجماعي للقرآن بالرتابة ،رغم محاولات
المؤثر بما يشبه عدوى الضحك التنويع ،وبها تفاخم كزخرفة المتخانفة ،التي تزيد من طغيان
والتثاؤب ،ويستشعر السامعون المصدر الحنبلي الوهابي على
جودة أداء المقرئ بسبق تكوين صاخبة أساسها التكرار، الواقع المصري.
المستقبلات السمعية ،والمستوى كالزخارف الإسلامية ،مما
المحدود للذائقة في كنف الرجعية يعكس التكرار باللفظ والمعنى أحكام تدرس ،حناجر تهتز ،رقاب
في الآيات القرآنية ،هذا مع ذاك، تمتد ،رءوس تتمايل ،عروق تنفر،
الدينية. وبتوالي الإلحاح بالتلاوات من
كل مكان وبكل أوان ،تنشأ في وأصوات تطول وتقصر ،وحزء
-٥الجمع بين تواجد النفس مستقبلات سمعية ،قوالب بالجامد .ما هذا ،ولماذا؟
القرآن دائ ًما وكف العقل للاستقبال المستسلم ،المفرهد،
المخدرة المع ِّطلة للعقل ،كأغنية لسنا مؤهلين لتناول هذا الأمر
عن فهمه: تتكرر بلا انقطاع حتى صارت من وجهة نقلية ،ولا ينبغي لنا،
تحصيل حاصل ،لشدة ما صارت لكن ربما ينبغي الإشارة هنا إلى
يحدث هذا بآليات رجعية عديدة، أنه من تلك الوجهة قد يستخدم
ما ندركه منها تشغيل القرآن مألوفة بكثرة الترديد.
و ُع ِرف عن بعض القراء الاستعانة الرجعيون جحة قوله تعالى:
والإلحاح به دائ ًما ،وطرق تلاوته «ورتل القرآن ترتيلا» .ونقول
وترتيله ورسمه على نحو ما فعليًا بالحشيش للوصول تكونت الطريقة الحالية للقراءة
لحالة الطرب والسلطنة ،وفي بعد وفاة الرسول بسنين طوال،
أشرنا ،كذلك الحض الرجعي على جهة الاستقبال ،يتأوه الناس والله يقول« :ورتلناه ترتيلا»،
القراءة الكمية.
ويصرخون« :اللااااه» مع فهل معنى ذلك أنه سبحانه
وقريبًا ثارت الغبارات الرجعية التوقفات في الذروة السمعية ،أو يقرأ القرآن بهذه الطريقة؟! بل
ضد الكاتب والإعلامي إبراهيم هناك معاني عدة للأمر بالترتيل
العفأة اللحنية ،هذا هو الطرب
عيسى لإشارته إلى قراءة غير معنى القراءة على النحو
الحالي ،قد يكون المراد هو التدفق
والسرعة في القراءة لا أكثر.
والراجح أن نغمات التلاوة
والترتيل الحالية ُمط َّو َرة من
إيقاعات حداء الإبل في الصحراء،
وهي تعبير صوتي عن العقل
الشفاهي المك ِّون للخطاب الديني
الرجعي ،وتكريس للشفاهية
أي ًضا ،ويبدو أن ما وراءها لا
ينفصل عما وراء طرق التعامل
الأخرى مع القرآن ،والتي
تستهدف إجما ًل إنتاج مفاهيم
المطلق الرجعي ،كالاشتعال
العاطفي ،وتغييب العقل ،فالمطلوب
هو التأثير الانفعالي على حساب
العقل.
وتتميز طرق القراءة الحالية