Page 132 - merit 39 feb 2022
P. 132

‫وضحاها‪ ،‬والقمر إذا تلاها‪،‬‬                                ‫العـدد ‪38‬‬                            ‫‪130‬‬
              ‫ونفس وما سواها‪.‬‬
                                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬    ‫والتذلل له في الصلاة‪ ... ،‬والآية‬
    ‫والله تعالى خالق كل شيء لا‬                                                                  ‫الكريمة التي ذكر بها العلاج‬
  ‫ُيسأل عما يفعل ‪-‬ولا ما يقول‪-‬‬              ‫ومفترض أن يشعر المؤمن‬
‫وهم يسألون‪ ،‬وأن يحلف كثي ًرا أو‬           ‫بالطمأنينة نتيجة إيمانه بقوة‬                      ‫قوله تعالى‪ :‬ولقد نعلم أنك يضيق‬
‫قلي ًل فله حكمته التي لا يعلمها إلا‬     ‫الله العليا المتصرفة‪ ،‬لكن مزاعم‬                     ‫صدرك بما يقولون فسبح بحمد‬
 ‫هو‪ ،‬ولسنا في مقام بحث أسباب‬              ‫الخطاب الديني الرجعي تمتد‬                           ‫ربك وكن من الساجدين واعبد‬
 ‫الحلفان وأغراضه في القرآن‪ .‬هذا‬          ‫إلى قراءة آيات معينة لأمراض‬                        ‫ربك حتى يأتيك اليقين‪ ،‬لافتًا إلى‬
‫والحلفان كثير أي ًضا في الأحاديث‬
                                                     ‫وأعضاء محددة‪.‬‬                             ‫أن العلاج الثالث أن تعبد ربك‬
   ‫النبوية‪ ،‬مثل؛ وأيم الله‪ ،‬والذي‬     ‫هذا ولا يفوتنا القول إن الطمأنينة‬                      ‫بإخلاص حتى يأتيك اليقين أي‬
                    ‫نفسي بيده‪.‬‬
                                            ‫المرجوة من الإيمان الديني‬                                              ‫الموت»‪.‬‬
‫وبفعل هيمنة الرجعية الدينية على‬       ‫وملحقاته وتوابعه بما فيها قراءة‬                              ‫يوضح مثل هذا الخبر أن‬
  ‫الرجعي بطبعه‪ ،‬تأصلت خاصية‬           ‫القرآن مستلبة رجعيًّا بآليات عدة‬                     ‫استعمال القرآن كعلاج لا يقتصر‬
   ‫الحلفان «ع َّمال على ب َّطال» لدى‬                                                        ‫على أسافل المشايخ والمدعين‪ ،‬بل‬
                                         ‫كتعظيم المخاوف من الغامض‬                            ‫يشمل أمثال ذلك الأزهري‪ ،‬مما‬
    ‫حملة العقل الرجعي‪ ،‬و ُيعد ما‬      ‫والمجهول خاصة الموت وما بعده‬                          ‫يشير لانعدام الفارق بين طبقات‬
 ‫يجري به اللسان دون عقد القلب‬                                                                ‫المشايخ‪ ،‬الكل ينطلق من خطاب‬
                                                        ‫والمتاجرة بها‪.‬‬                     ‫رجعي واحد‪ ،‬يجعل القرآن مقاب ًل‬
    ‫من لغو اليمين‪ ،‬حسب الرؤية‬
   ‫الرجعية للآية «لا يؤاخذكم الله‬         ‫‪ -٩‬الحلفان على‬                                                ‫لأدوية الصيدليات‪.‬‬
    ‫باللغو في أيمانكم»‪ ،‬هكذا ُيقال‬          ‫المصحف‪:‬‬                                            ‫ويبين الخبر سطحية التناول‪،‬‬
‫والنبي أو والله‪ ،‬ويقال وكتاب الله‬                                                              ‫واجتراء ذلك الشيخ الأزهري‬
  ‫أو وعهد الله‪ ،‬وكتاب الله المجيد‪،‬‬        ‫عادة يدفع للحلفان الرغبة في‬                        ‫على ما يجهل‪ ،‬فالاكتئاب والقلق‬
  ‫والمصحف‪ ،‬وانتشر مؤخ ًرا بأثر‬        ‫التأكيد على الصدق‪ ،‬وعادة يحلف‬                         ‫مصطلحات في الطب النفسي لها‬
‫وهابي الاستحلاف‪« :‬بالله عليك»‪.‬‬                                                              ‫معاني محددة‪ ،‬وهي أمراض لها‬
   ‫ورسميًّا‪ ،‬وفيما هو من الأمثلة‬           ‫الذي يفتقر لدليل موضوعي‬                             ‫طرق علاج معينة‪ ،‬ومتدرجة‪،‬‬
  ‫على المسافة بين المقولة الرسمية‬      ‫على زعمه‪ ،‬والذي يشعر بتكذيب‬                          ‫ومقننة‪ ،‬والشفاء يخضع لعوامل‬
   ‫للرجعية الدينية والواقع‪ ،‬يقول‬                                                                ‫كثيرة متداخلة‪ ،‬يجتهد العقل‬
 ‫الخطاب الديني الرجعي بأفضلية‬             ‫الناس له‪ ،‬أو أن ما يقوله غير‬                       ‫العلمي في معرفتها‪ ،‬وتسخيرها‬
                                        ‫معقول‪ ،‬أو غير قابل للتصديق‪،‬‬                         ‫لصالح المريض بالتجربة والخطأ‬
     ‫تجنب الحلفان‪ ،‬وأن الواجب‬            ‫وربما لأن المتحدث يكذب فع ًل‬                          ‫وغيرها من مناهج علمية‪ ،‬أما‬
                                      ‫ويريد تمرير أكاذيبه‪ ،‬هذا رصدته‬                         ‫العقل الخرافي فهو يحل مشكلته‬
                                        ‫الذهنية الشعبية بذكاء فأنتجت‬                         ‫بكلمتين «طق حنك» من مجلسه‬
                                         ‫القول المأثور‪« :‬قالوا للحرامي‬                        ‫على الكنبة‪ ،‬هذه ذهنية الأحجبة‬
                                                                                               ‫والتعاويذ والأعمال السحرية‬
                                              ‫احلف قال جالك الفرج»‪.‬‬                         ‫التي أساسها سحري‪ ،‬حيث تقال‬
                                        ‫والإكثار من الحلفان أصيل بين‬                         ‫كلمات لدفع الشر وجلب الخير‪،‬‬
                                                                                           ‫إنها ذهنية الخرافة ومعاداة العقل‪.‬‬
                                           ‫قدماء شبه الجزيرة العربية‪،‬‬
                                         ‫وحيث شاء الله تنزيل رسالته‬                              ‫وليست مهمة القرآن شفاء‬
                                        ‫الأخيرة للبشر بلغتهم‪ ،‬وتواف ًقا‬                          ‫الأمراض‪ ،‬ولا نجادل في أنه‬
                                      ‫مع ثقافتهم‪ ،‬أقسم سبحانه مرا ًرا‬                           ‫قد يكون شفا ًء لما في صدور‬
                                          ‫في القرآن‪ ،‬بالأرض والسماء‪،‬‬                          ‫المؤمنين‪ ،‬هذه مسألة روحانية‪،‬‬

                                           ‫والتين‪ ،‬والزيتون‪ ،‬والعصر‪،‬‬
                                            ‫والمغيرات صب ًحا‪ ،‬والسماء‬
                                           ‫والطارق‪ ،‬والليل إذا عسعس‬
                                           ‫والصبح إذا تنفس‪ ،‬والخنس‬
                                             ‫والجوار الكنس‪ ،‬والشمس‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137