Page 135 - merit 39 feb 2022
P. 135

‫‪133‬‬           ‫تجديد الخطاب‬

‫إبراهيم عيسى‬  ‫الشيخ محمد رفعت‬                    ‫مشاري راشد العفاسي‬                    ‫بانتصارها للنقل‪.‬‬
                                                                        ‫ولم يظهر كشف علمي قط انطلا ًقا‬
‫فينشغل المعارضون بتفنيد مزاعم‬       ‫والنحت والتصوير‪ ،‬إعجاز حقيقي‬
    ‫الإعجاز عن اتساع الهوة بين‬        ‫ملموس‪ ،‬لا قولي تأويلي؛ بؤيئي‪.‬‬           ‫من القرآن‪ ،‬وإنما ُينظر لأي‬
   ‫الديني والعقلي‪ ،‬وما ثبت علميًّا‬          ‫وحسب نظرية ال ُحشاشة‬          ‫موضع فيه يمكن تأويله بالقوة‬
                                     ‫الرجعية التي تنطوي عليها كثير‬        ‫الجبرية ليقال إنه يشير لكشف‬
 ‫من أنه يخالف ظاهر النصوص‪،‬‬             ‫من السرائر عكس ما تظهر من‬            ‫علمي حديث‪ ،‬وبهذه التلفيقات‬
                   ‫وتاريخيتها‪.‬‬           ‫عقلانية‪ ،‬يمكن اعتبار مزاعم‬
                                                                             ‫الارتدادية يمكن خلق إعجاز‬
     ‫ولعل أحد الأهداف الرجعية‬       ‫الإعجاز العلمي من الحيل النفسية‬          ‫علمي في كثير من النصوص‬
    ‫إيجاد إعجاز غير بلاغي لغير‬       ‫لمواجهة فاعلية العقل المتمثلة هنا‬    ‫القديمة دينية وغير دينية‪ ،‬هناك‬
   ‫الناطقين بالعربية‪ .‬المفارقة أن‬        ‫في العلم‪ ،‬ف ُيراد مرهمة الذات‬        ‫هندوس يزعمون أن نظرية‬
   ‫مزاعم الإعجاز المختلفة تعتمد‬                                             ‫البج بانج منصوص عليها في‬
                                    ‫وتطمين ال ُحشاشة «وتحصينها؟!»‬          ‫الفيدا‪ ،‬هذا الادعاء لم يفلت من‬
     ‫أسا ًسا على اللغة‪ ،‬هذا يصل‬         ‫مع المزايدة لأبعد من نقطة أن‬       ‫رجعيتنا الدينية بالزعم أن هذا‬
‫درجة التلاعب اللفظي‪ ،‬مث ًل قوله‬         ‫العلم يوافق على المنقولات‪ ،‬إلى‬       ‫مراد الله من قوله إن السماء‬
                                                                         ‫والأرض «كانتا رت ًقا ففتقناهما»‪،‬‬
     ‫تعالى «فمن يعمل مثقال ذرة‬      ‫هوة أن تلك المنقولات سبقت العلم‬        ‫ويترجم تلاميذهم نظرية البج‬
   ‫خي ًرا يره»‪ ،‬لا علاقة له بالذرة‬                        ‫من قديم‪.‬‬        ‫بانج بالانفتاق العظيم‪ ،‬وتصف‬
‫كمصطلح فيزيائي‪ ،‬المقصود هو؛‬                                                 ‫نظرية البج بانج نشوء الكون‬
    ‫مهما صغر عمل المرء سيلقى‬           ‫وتجسد مزاعم الإعجاز العلمي‬         ‫بانفجار عظيم من نقطة غاية في‬
  ‫مكافأته من الله‪ ،‬وعند الترجمة‬          ‫من خصال الرجعية الدينية؛‬          ‫الصغر‪ ،‬منذ أكثر من ‪ ١٣‬مليار‬
  ‫الأمينة لهذه الآية يختفي الزعم‬                                         ‫سنة‪ ،‬حيث لم يكن قد تكون الماء‬
   ‫بالإعجاز العلمي فيها‪ ،‬لكن من‬      ‫المراوغة‪ ،‬والانتهازية‪ ،‬والصنمية‪،‬‬     ‫ليكون عرش الله عليه‪ ،‬ولم تكن‬
 ‫وسائل ادعاء الإعجاز استحداث‬         ‫وإهدار تاريخية القرآن‪ ،‬ومشاعر‬      ‫الأرض قد تكونت حتى تنفتق عما‬
‫تسمية اصطلاحية لمكتشف علمي‬                                              ‫يوصف بالسماء‪ .‬بل إن في الجمع‬
    ‫من ألفاظ قديمة‪ ،‬كإطلاق لفظ‬         ‫النقص تجاه العقل والعلم وما‬         ‫دائ ًما بين الأرض وما يوصف‬
   ‫الذرة اصطلا ًحا على الجزء من‬      ‫يمثلهما‪ ،‬مع الرغبة في التحصين‬       ‫بالسماوات إشكا ًل كبي ًرا حيث لا‬
                                                                           ‫تكاد الأرض تساوي حبة غبار‬
                                          ‫ضد مظنات التجاوز بادعاء‬
                                         ‫السبق إلى الكشوف العلمية‪،‬‬                       ‫بالنسبة للكون‪.‬‬
                                                                           ‫على المنوال نفسه ترجموا اسم‬
                                                                          ‫أحد النجوم بالطارق‪ .‬ولو كانت‬
                                                                           ‫الكشوف العلمية القديمة دلي ًل‬

                                                                             ‫على الإعجاز لكان أولى بذلك‬
                                                                            ‫كشوف الفراعنة وغيرهم من‬

                                                                               ‫الأمم القديمة‪ ،‬مث ًل في بناء‬
                                                                        ‫الأهرام‪ ،‬وتعامد الشمس على وجه‬

                                                                           ‫تمثال رمسيس الثاني في معبد‬
                                                                          ‫أبي سمبل مرتين في السنة‪ ،‬كل‬
                                                                        ‫ذلك أولى بالوصف كإعجاز علمي‬

                                                                            ‫في الفلك والتخطيط والهندسة‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140