Page 139 - merit 39 feb 2022
P. 139

‫حول العالم ‪1 3 7‬‬

  ‫الترجمة العكسية نو ًعا من‬        ‫القرن الحادي والعشرين؛‬                ‫«المسألة الأوربية»‬
     ‫أحكام القيمة الحضارية‬             ‫شهدت ظهور سردية‬            ‫ومتلازماتها الثقافية‪ ،‬التي‬

 ‫بالتبعية للآخر‪ ،‬بحيث يكون‬       ‫كبرى جديدة مضادة للذات‬              ‫تبنتها التيارات الفكرية‬
 ‫الأصل في الترجمة أو المركز‬          ‫العربية بعنوان «صفقة‬            ‫والثقافية العربية يمينًا‬
                                                                      ‫ويسا ًرا لفترة طويلة‪.‬‬
   ‫واف ًدا إلى العربية‪ ،‬في حين‬    ‫القرن»‪ ،‬ومعها «الاتفاقيات‬      ‫وكذلك امتداد شروط إنتاج‬
‫يكون العكسي أو الهامش هو‬          ‫الإبراهيمية» التي أصبحت‬      ‫هذا الخطاب للوعي بمحددات‬
‫الصادر من العربية (الترجمة‬         ‫أبرز مخلفاتها بعد سقوط‬      ‫ذهنية الآخر وتفهم دوافعها‪،‬‬
                                 ‫دونالد ترامب في الانتخابات‬       ‫وليس مجرد الانطلاق من‬
    ‫العكسية)! أما «التعجيم»‬                                    ‫موقف أحادي للذات العربية‪،‬‬
    ‫‪-‬ومقابله في «التعريب»‪-‬‬          ‫الأمريكية‪ ،‬بهدف ابتلاع‬        ‫في ارتباط بمنهج «التدافع‬
  ‫فهو لصيق بالفضاء الذاتي‬         ‫الذات العربية وفق روايات‬     ‫الحضاري» الذي يرى أنه في‬
                                                                  ‫لحظة ما يكون الموقف من‬
            ‫اللغوي العربي‪.‬‬          ‫دينية وسياسية وثقافية‬         ‫العالم ليس متعل ًقا بتصور‬
        ‫إذ من جهة المصطلح‬       ‫جديدة‪ ،‬من هنا يجب أن تهتم‬        ‫الذات فقط‪ ،‬بل بفهم موقف‬
      ‫ستتحفظ الدراسة على‬                                         ‫الآخر أي ًضا واعتباره‪ ،‬رغم‬
  ‫مصطلح الترجمة العكسية‬            ‫الذات العربية بالتعبير عن‬   ‫الاتفاق أو الاختلاف الكلي أو‬
‫بدلالاته الثقافية والحضارية‪،‬‬       ‫نفسها‪ ،‬وبتغيير صورتها‬
   ‫في سعي لتجاوز «المسألة‬                                                     ‫الجزئي معه‪.‬‬
      ‫الأوربية» ومتلازماتها‬          ‫النمطية التي قام الآخر‬          ‫وتكمن الإشكالية التي‬
    ‫الثقافية التي من ضمنها‬            ‫بصنعها والتي استنا ًدا‬   ‫تواجهها الدراسة في مراوحة‬
      ‫مركزية الذات الأوريية‬         ‫عليها يطرح الآن إمكانية‬    ‫مشروع الترجمة عن العربية‬
    ‫في قياس معظم الظواهر‬         ‫ابتلاعها الحضاري والثقافي‬            ‫لمكانه‪ ،‬وتيه النظريات‬
‫الإنسانية‪ ،‬وستعطي الدراسة‬                                          ‫الحاكمة له أو غيابها من‬
  ‫صوتها لمصطلح «الترجمة‬                         ‫والسياسي‪.‬‬         ‫الأصل‪ ،‬ما بين الاستعانة‬
 ‫للآخر»‪ ،‬في مقابل «الترجمة‬           ‫بما يستوجب من الذات‬              ‫بالتراث الأدبي القديم‬
        ‫عنه»‪ ،‬الأقرب للعدالة‬     ‫العربية الدفاع عن وجودها‬      ‫والجديد‪ ،‬أو الكتابات الفكرية‬
 ‫الحضارية والثقافية وتبادل‬          ‫الثقافي والحضاري الذي‬          ‫العامة أو بعض الكتابات‬
  ‫المواقع الحضارية في عملية‬        ‫بات مهد ًدا بخطاب جديد‪،‬‬      ‫ذات الصبغة الدينية‪ ،‬وكذلك‬
                                    ‫والحقيقة أنه مفترض ألا‬      ‫الفصل في هذا المشروع بين‬
           ‫المثاقفة المستمرة‪.‬‬        ‫تكون العلاقة بين الذات‬       ‫إنتاج الخطاب وبين القيام‬
 ‫بالإضافة إلى أن واقع الأمر‬       ‫(العربية) والآخر في مجال‬      ‫بعملية الترجمة اللغوية‪ ،‬بما‬
 ‫يقول إن الترجمة للآخر هي‬            ‫الترجمة في اتجاه واحد‬         ‫لا يحقق الهدف منها‪ ،‬في‬
                                  ‫فقط‪ ،‬يتمثل في التعريب (أو‬     ‫ضرورة مواكبة ما تتعرض‬
    ‫موضوع لم ينل الاهتمام‬           ‫الترجمة إلى اللغة العربية‬   ‫لها الذات العربية في اللحظة‬
 ‫المطلوب بعد‪ ،‬خاصة في ظل‬           ‫نق ًل عن اللغات الأخرى)‪،‬‬    ‫الراهنة‪ ،‬من تضييق في ملفات‬
   ‫مفاهيم التدافع الحضاري‬                                        ‫وجودية وثقافية وسياسية‬
                                       ‫وهنا مكمن الإشكالية‬
     ‫التي تتعرض لها الذات‬               ‫وتوابعها واستطلاع‬                         ‫متعددة‪.‬‬
   ‫العربية في الوقت الراهن‪،‬‬                                    ‫ففي لحظة حضارية شديدة‬
 ‫وبحثها عن سبل النجاة من‬                    ‫فروضها للحل‪.‬‬
  ‫خلال استكشاف مسارات‬                  ‫فهناك بعد آخر مهمل‬        ‫التدافع في العقد الثالث من‬
   ‫المستقبل مع الآخر المتعدد‬      ‫للترجمة؛ وهو الترجمة عن‬
 ‫الذي تواجهه‪ ،‬أو الذي يجب‬           ‫العربية للآخر وما يطلق‬
   ‫أن تواجهه بخطاب جديد‪،‬‬         ‫عليه «التعجيم» أو «الترجمة‬
                                       ‫العكسية»‪ ،‬وإن كانت‬
                                   ‫الدراسة ترى في مصطلح‬
   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144