Page 144 - merit 39 feb 2022
P. 144

‫العـدد ‪38‬‬                  ‫‪142‬‬

                                 ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬               ‫للثقافة فى ‪ 31‬يناير عام‬
                                                        ‫‪2011‬م للمرة الأولى‪ ،‬ثلاثة‬
  ‫أن دور الترجمة في الثقافة‬        ‫ترك الساحة للآخر‬     ‫آلاف كتا ٍب تضم صفحاتها‬
‫ليس طري ًقا وحيد الاتجاه‪ ،‬بل‬          ‫لكي يترجم ما‬       ‫كنوز المعرفة الإنسانية فى‬
‫ينبغي أن يكون طري ًقا مؤد ًيا‬          ‫يتعلق بالذات‬     ‫عصورها القديمة والحديثة‬
‫إلى اتجاهين‪ :‬من لغات أجنبية‬                              ‫والمعاصرة‪ ،‬بل القادمة فى‬
                                 ‫العربية إلى اللغات‬      ‫المستقبل فيما ُيس َّمى بــ‪:‬‬
    ‫إلى العربية وبالعكس»(‪،)8‬‬      ‫الأخرى هو بمثابة‬
 ‫وذلك بوصف الترجمة فع ًل‬                                    ‫علوم المستقبليات‪ .‬ولم‬
  ‫حضار ًّيا ووجود ًّيا أساسيًّا‬         ‫استسلام لما‬     ‫يقتصر الأمر على ذلك‪ ،‬فقد‬
  ‫في عالم متشابك يعتمد على‬          ‫يروجه من خلال‬      ‫بلغ عدد اللغات التى ترجمنا‬

      ‫المعرفة وإتاحتها‪ ،‬وعلى‬           ‫تلك الترجمات‬        ‫عنها ما يزيد على خمس‬
  ‫مواجهة الأنماط الحضارية‬          ‫التي ستؤكد على‬          ‫وثلاثين لغة‪ ،‬مو َّزعة ما‬
  ‫التي تحاول فرض هيمنتها‬            ‫الصورة النمطية‪،‬‬     ‫بين شرق الكوكب الأرضى‬
  ‫وتذويب كل المغاير‪ ،‬خاصة‬                              ‫وغربه وشماله وجنوبه»(‪.)7‬‬
                                      ‫لأن حضور الآخر‬
      ‫وأن تلك الفترة شهدت‬               ‫هنا سيكون‬            ‫في حين أن العديد من‬
     ‫صعو ًدا متزاي ًدا لمشروع‬                             ‫الأصوات كانت قد تعالت‬
                                  ‫بأهدافه النمطية‬
       ‫العولمة وفرض النمط‬        ‫فيما يتعلق بمجال‬            ‫مرا ًرا وتكرا ًرا تطالب‬
‫الأمريكي‪ ،‬بما كان يستوجب‬          ‫الترجمة عن الذات‬      ‫بالاهتمام بالترجمة للآخر‪،‬‬
                                 ‫العربية‪ ،‬في ظل ما‬      ‫في خضم الأحداث المتعاقبة‬
    ‫فهم دور الترجمة في تلك‬        ‫تقوله الإحصائيات‬
    ‫الفترة التاريخية باعتبار‬                              ‫التي تعرضت لها المنطقة‬
   ‫أولوية «الترجمة في عصر‬             ‫والدراسات من‬       ‫العربية‪ ،‬خاصة من خلال‬
‫العولمة أو عصر ثورة المعرفة‬         ‫كبر حجم المنتج‬
  ‫أو ثورة الاتصالات‪ ..‬وكذا‬         ‫المقدم عن الذات‬          ‫المركز العلمي للترجمة‬
     ‫الترجمة في إطار صراع‬                               ‫بوصفه جز ًءا مؤسسيًّا من‬
 ‫الوجود تأسي ًسا على المعرفة‬             ‫العربية في‬   ‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
 ‫فيما بين المجتمعات‪ ،‬ضما ًنا‬     ‫سياقات غير مراعية‬
    ‫للسبق الحضاري والمنعة‬                                   ‫حيث حاول المركز ‪-‬في‬
     ‫الحضارية وليس مجرد‬            ‫لظرفها الحضاري‬        ‫ظل إشرافي عليه والسعي‬
                                              ‫الخاص‪.‬‬       ‫لتفعيله‪ -‬تقديم مشروع‬
                  ‫البقاء»(‪.)9‬‬                         ‫لتغيير الصورة النمطية للذات‬
     ‫المشكلة هنا أن من يقوم‬                           ‫العربية‪ /‬المصرية‪ /‬الشرقية‪،‬‬
   ‫بعملية الترجمة ويضطلع‬                              ‫والترجمة للآخر ليكمل نطاق‬
  ‫بمهامها يجب أن يكون على‬                              ‫عمل المركز القومي للترجمة‬
    ‫صلة بـ»مستودع هوية»‬                                  ‫ويعالج القصور فيه‪ ،‬لكنه‬
   ‫الذات العربية‪ ،‬ومؤمن بما‬                            ‫لأسباب غير معلومة لم يلق‬
‫تحمله مستوياته الثقافية من‬                              ‫الاهتمام الكافي والاستجابة‬
   ‫طبقات ومكونات متراكمة‬                               ‫والحماس الجاد من البعض‪.‬‬
    ‫قادرة لأن تصبح أسا ًسا‬                               ‫إنما لا يسعنا سوى القول‬
     ‫للانطلاق الحضاري‪ ،‬لا‬                              ‫بأن الترجمة يجب أن تكون‬
     ‫أن تكون فكرة الترجمة‬                                  ‫طري ًقا في اتجاهين فـ»لا‬
  ‫الأساسية هي تحول الذات‬                                 ‫يجب أن يغيب عن أذهاننا‬
   ‫وخضوعها لمشروع الآخر‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149