Page 146 - merit 39 feb 2022
P. 146
في أي مجتمع ،وتظل معظم وفق المحددات الحضارية 144
الإشكاليات الخاصة بها ذات الصلة.
بشرية ما كالجماعة العربية،
أقرب لمسائل لغوية تتعلق كما أن الترجمة هي فعل يجب ألا يكون اعتباطيًّا
بعضها بالصياغة أو المقابلة بين ٌّي بالأساس يتطلب بل يجب أن يكون المحدد
والبحث عن المناظر في لغة
حضوره طرفين أحدهما لتلك السياسات والمسارات
المستقبل. منتج والآخر مستقبل، المتعلقة بالترجمة هو المسار
من زاوية أخرى سنجد أن
الأمر في الدراسات الإنسانية ولا بد لكل جماعة بشرية الوجودي التاريخي لتلك
وفعل الترجمة والسياسات أن تمتلك قنوات الإنتاج الجماعة ،وما قد يحتاجه
المرتبطة بها –مثل سياسات بالمقارنة بالمسارات الوجودية
الترجمة في العالم العربي- وقنوات الاستقبال ،لا يمكنها للجماعات البشرية الأخرى
قد يعمل على جهة ويهمل أن تكتفي بوجود قناة في ذات الصلة به أو التي يمكن
أن تفيد وجوده وترتقي به.
جهة أخرى ،والتي ربما اتجاه واحد خاصة في اتجاه فإذا كان المسار الوجودي
تكون هي الأهم والأكثر المستقبل ،حيث تظل المعضلة التاريخي العربي قد وطأ
فاعلية في سياقه الثقافي الأكبر عند الطرف المستقبل على عدة قضايا لا تزال
الظاهر والمضمر ،بمعنى أنه ساخنة ولم يحسم أمرها بعد
قد تهتم السياسة الثقافية وقدرة القائمين على فعل كي يستشرف الطريق من
المتعلقة بالترجمة بالنقل عن الترجمة على نقل المحتوى خلالها إلى المستقبل ،فإن تلك
الآخر ،لكن فعل النقل عن إلى ثقافتهم الخاصة وفهم القضايا بالطبع تكون هي
الآخر مهما بلغت جودته إشكاليات هذا النقل ،وإذا المحدد لمسارات الترجمة عن
وفاعليته ربما سيظل دوره اعتبرنا المنتج البشري في الآخر وكذلك إليه ،من هنا
في سياق التدافع الحضاري يكون فعل الترجمة الحديث
الخاص بجماعة بشرية ما، العلوم ينقسم لقسمين، فع ًل مزدو ًجا يقوم به إما
بعي ًدا عن التأثير في معادلة الأول هو علوم ودراسات مترجمين باحثين علماء،
وجودها الحضاري ،لأن طبيعية علمية بحتة ،والثاني أو يقع ضمن فريق مهمته
المشكلة قد تكون عند الآخر هو علوم ودراسات إنسانية توزيع الأدوار في اختيار
وفي فهمه للذات الخاصة واجتماعية ،سنجد أن المشكلة مسارات الترجمة من الآخر
بجماعة بشرية ما والصورة الأكبر عند نقل المحتوى بين وكذلك اختيار محددات
النمطية الخاصة (كما هي أطراف متعددة ستكمن في الترجمة إليه ،وفق نقاط
الحالة العربية) ،بما يتطلب العلوم والدراسات الإنسانية، التدافع والاحتكاك الحضاري
أن تتحول سياسات الترجمة لأنها تعتمد في الغالب عند التي يعبر عنها «مستودع
إلى بحث إشكاليات «الترجمة الهوية» التي ينتمي إليه،
للآخر» وسبلها ومحدداتها إنتاجها وفي بيئاتها على بما يقول بضرورة توسعة
وليس الترجمة عنه فقط، الظروف الخاصة بكل مجتمع مساحة الفرز من المرشحين
وذلك بهدف تغيير ميزان وموقفه تجاه العالم والحياة،
التدافع الحضاري بين للقيام بالمشاركة في
الطرفين ،والعمل على تغيير الذي قد يختلف عن موقف عملية الترجمة في سياقها
الصورة النمطية السائدة عن الطرف الآخر الذي مفترض الحضاري ،لكي يتم اختيار
الذات عند الآخر باعتبارها العناصر الممكن أن تقوم
أن يستقبل ذلك المنتج عند بفعل الترجمة المزدوج ما بين
عملية الترجمة. النقل عن الآخر والنقل إليه،
في حين لا تحضر هذه
الإشكالية بالكيفية ذاتها في
العلوم الطبيعية البحتة ،لأن
العلوم الطبيعية في النهاية
يمكن لها أن تثبت نتائجها