Page 130 - merit 39 feb 2022
P. 130

‫العـدد ‪38‬‬                         ‫‪128‬‬

                                    ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

      ‫الماضي على العقل المصري‪.‬‬       ‫الرجعية الدينية منظومة متكاملة‬            ‫القرآن من أتباع الرجعية‬
     ‫وهنا يقال إن ترجمة القرآن‬               ‫لحصار العقل وإحباطه‪.‬‬          ‫الدينية في أوقات العمل‪ ،‬وعلى‬
    ‫مستحيلة‪ ،‬إنما الممكن ترجمة‬                                           ‫حساب الاطلاع المعرفي حتى في‬
  ‫معانيه‪ .‬نقول نعم‪ ،‬هذا صحيح‬        ‫‪ -٦‬غياب ترجمة القرآن‬                 ‫تخصصاتهم المهنية‪ .‬يتخذ الأمر‬
 ‫مع كل نص تقريبًا وليس القران‬       ‫للغة المصرية الحديثة‪:‬‬              ‫أبعا ًدا إضافية محمومة في موسم‬
  ‫فقط‪ ،‬ومؤكد أن هناك إشكالات‬                                           ‫ديني كشهر رمضان‪ ،‬فتزيد كثافة‬
    ‫كثيرة يقابلها أي مترجم لأي‬                ‫اللغة العربية الموصوفة‬      ‫قراء القرآن في كل مكان وأوان‬
  ‫مسرحية لشكسبير مث ًل‪ ،‬لذلك‬            ‫بالفصحى‪ ،‬لغة القرآن‪ ،‬في حد‬      ‫حتى المواصلات العامة‪ ،‬وينشغل‬
   ‫تظهر ترجمات عدة‪ ،‬ويتفاوت‬             ‫ذاتها‪ ،‬غير مستعملة في الحياة‬        ‫العاملون بالمصالح الحكومية‬
     ‫حظها من التوفيق‪ ،‬وهذا هو‬        ‫اليومية‪ ،‬وتسهم في إقامة الجدار‬
‫الحاصل مع ترجمة القرآن للغات‬           ‫العازل بين القرآن والعقل رغم‬          ‫في ختم القرآن‪ ،‬ويتنافسون‬
  ‫الأجنبية‪ .‬وغريب ج ًّدا أن تكون‬      ‫التكثيف الرجعي لتواجد القرآن‬            ‫في ذلك بما في الرجعية من‬
  ‫ترجمات القرآن للغات الأجنبية‬         ‫في الحياة اليومية‪ .‬زد على ذلك‬      ‫سمات المظهرية والاستعراض‪،‬‬
    ‫محمودة‪ ،‬لكنها مذمومة للغة‬            ‫كثرة التعبيرات القرآنية التي‬
                                                                                           ‫والشمولية‪.‬‬
               ‫المصرية الحديثة‪.‬‬            ‫استعصى فهمها على كبار‬          ‫كل ذلك يجعل القرآن تحصيل‬
   ‫إذن فلتكن ترجمة بل ترجمات‬             ‫المفسرين فتعددت تأويلاتها‪.‬‬
 ‫لمعاني القرآن كالترجمات للغات‬        ‫من هنا يمكن فهم أهمية ترجمة‬             ‫حاصل في الحياة اليومية‪،‬‬
 ‫الأجنبية‪ ،‬استنا ًدا لتفاسير معينة‬       ‫القرآن للغة المصرية الحديثة‬     ‫فيجتمع للرجعية الدينية تحقيق‬
  ‫يشار إليها‪ ،‬والأفضل أن تكون‬          ‫ويقال العامية؛ لتجديد الدهشة‬        ‫المتناقضين‪ ،‬أن يتواجد القرآن‬
   ‫تفاسير عصرية‪ .‬المهم أن هذه‬       ‫والقدرات العقلية في إدراك معاني‬
   ‫الترجمة مطلوبة‪ ،‬وقد تستلزم‬         ‫القرآن بلا وسطاء‪ ،‬سواء كانوا‬         ‫بكثافة دائ ًما وألا يفكر الناس‬
    ‫عم ًل مؤسسيًّا‪ ،‬وإنما تؤخره‬                                            ‫فيه‪ ،‬تنشغل الأذن بالأصوات‬
                                           ‫من قدماء الفقهاء والشراح‬       ‫والإيقاعات‪ ،‬وتعمى عين العقل‬
      ‫الهيمنة الرجعية على العقل‬       ‫والمفسرين أو محدثيهم‪ ،‬باعتبار‬    ‫عن المعاني‪ ،‬هناك مسافة أو جدار‬
 ‫والحياة في مصر‪ ،‬فلا مناص في‬                                                ‫عازل سميك دائ ًما بين العقل‬
‫المدى المنظور من الجهود الفردية‪،‬‬          ‫أن هذه رسالة الله الأخيرة‬          ‫والقرآن والنصوص الدينية‬
                                       ‫والأبدية للبشر‪ ،‬ومن ثم ينبغي‬       ‫عمو ًما؛ لتحصينها‪ ،‬والاستئثار‬
     ‫وسيكون نبأً سا ًّرا أن يقوم‬
 ‫شخص ما بهذه الترجمة بشكل‬                ‫كف وساطة قدماء المفسرين‬              ‫بها كهنوتيًا‪ ،‬الهدف نفسه‬
                                      ‫وأتباعهم ‪-‬الممثلين لعقل ماضي‬     ‫مطلوب رجعيًّا من التمسك برسم‬
                 ‫مخلص وأمين‪.‬‬        ‫شبه جزيرة العرب‪ -‬عنها‪ ،‬بل لعل‬
                                      ‫ترجمة القرآن للمصرية الحديثة‬         ‫الحروف القديم في المصحف‪،‬‬
                                       ‫أساسية في إضعاف هيمنة هذا‬          ‫يوضع القارئ بصر ًيا في حالة‬
                                                                           ‫متوافقة مع ما يحدث سمعيًا‪.‬‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135