Page 133 - merit 39 feb 2022
P. 133

‫‪131‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

‫كلاهما يقوم على الذهنية الصنمية‬     ‫هو من قبيل المتاجرة الانتهازية‬        ‫هو الحلف بالله فقط‪ ،‬استنا ًدا‬
  ‫الخرافية والانتهازية التي تربط‬   ‫بحقائق الوجود الإنساني وآلامه‪،‬‬     ‫للحديث‪« :‬من كان حال ًفا فليحلف‬
   ‫بين ما قد يجري للشخص من‬
              ‫شر بحلفانه كذ ًبا‪.‬‬                       ‫وغوامضه‪.‬‬           ‫بالله أو ليصمت»‪ .‬وفي حديث‬
     ‫وفي بعض الجهات والمواقف‬           ‫وحيث لم يكن هناك مصحف‬          ‫آخر‪« :‬من حلف بغير الله فقد كفر‬
 ‫الرسمية يلزم القسم أثناء وضع‬      ‫قبل وفاة الرسول‪ ،‬و ُج ِمع القرآن‬
    ‫الحالف يده على المصحف كما‬           ‫لاح ًقا‪ ،‬فلم يكن هناك حلفان‬       ‫أو أشرك»‪ ،‬وقوله تعالى‪« :‬ولا‬
                                       ‫على المصحف قو ًل ولا شك ًل‬              ‫تطع كل حلا ٍف مهين»‪.‬‬
‫يحدث على مستوى شعبي‪ ،‬مع أن‬         ‫بوضع اليد عليه‪ ،‬لكن رجعيًّا على‬
  ‫الحلفان رسميًّا هو «أقسم بالله‬     ‫المستوى الرسمي يجوز الحلف‬            ‫وبعض الحلفانات مغلظة لدى‬
  ‫العظيم»‪ ،‬وعلى مستوى عام يعد‬         ‫بالقرآن؛ لأنه كلام الله‪ ،‬فيقال‬  ‫المصريين‪ ،‬لعل أغلظها الحلف على‬
                                   ‫رجعيًّا إنه «تكلم به حقيقة بلفظه‬
‫الحلفان بصفة الله العظيم تحدي ًدا‬       ‫مري ًدا لمعناه»‪ ،‬وهو سبحانه‬     ‫المصحف‪ ،‬حيث يضع الشخص‬
‫من الأيمان المغلظة التي ترتفع في‬   ‫موصوف بالكلام‪ ،‬فيكون الحلف‬           ‫يده على كتاب الله ويحلف‪ ،‬هذا‬
 ‫الاعتبار فوق الحلفان بالله فقط!‬        ‫بالقرآن كالحلفان بصفة من‬        ‫من ملامح الصنمية التي أشرنا‬
                                                                        ‫إليها‪ ،‬وبالذهنية الخرافية دينية‬
  ‫‪ -١٠‬القول بالإعجاز‬                                   ‫صفات الله‪.‬‬        ‫الأصل ُيعتقد أن اللعنة تصيب‬
        ‫القرآني‪:‬‬                       ‫ويختلف مشايخ الرجعية في‬
                                      ‫جواز وضع اليد على المصحف‬              ‫الحالف كذ ًبا بهذه الطريقة‬
‫مع أن القرآن رسالة إلهية‪ ،‬إلا أنه‬   ‫فعليًا أثناء القسم من عدمه‪ .‬ولا‬        ‫المغلظة‪ ،‬وقد يحدث فع ًل أن‬
  ‫التزم بتلبية متطلبات التوصيل‪،‬‬       ‫فارق هنا بين الموقف الرسمي‬       ‫يصاب الشخص بسوء ضمن ما‬
   ‫ومن ذلك بداهة وابتداء مراعاة‬         ‫وما يجري فعليًّا في الواقع‪،‬‬    ‫يقع في الحياة للجميع‪ ،‬ف ُيس َتدعى‬
    ‫حال المخاطبين وقت تأسيس‬                                              ‫حلفان له على المصحف ويقال‬
   ‫الدعوة‪ ،‬من حيث الشكل راعى‬                                               ‫هذا جزاؤه قد وقع وأن الله‬
   ‫ذهنية الناس الذين نزل فيهم‪،‬‬                                           ‫يضرب به العبرة للناس‪ ،‬فيما‬
   ‫والتي تبدو من خلال منتجهم‬
     ‫العقلي الأهم «ولعله الأوحد»‬   ‫رفع المصاحف للمحاججة سنة قديمة متجددة‬
 ‫وهو الشعر الجاهلي‪ ،‬حيث البيت‬
    ‫وحدة القصيدة التي لا تلتزم‬
    ‫موضو ًعا واح ًدا‪ ،‬فكانت الآية‬
‫وحدة السورة التي هي أي ًضا بلا‬
   ‫موضوع محدد‪ ،‬والآيات تميل‬
  ‫للنهايات المسجوعة كالقافية مع‬
    ‫المحافظة على الإيقاع لتسهيل‬

‫النقل الشفاهي‪ ،‬حيث ع َّزت أدوات‬
‫الكتابة؛ لهذا كان التكرار‪ ،‬وتقسيم‬

       ‫الآيات على أساس إيقاعي‪.‬‬
  ‫واتسا ًقا مع ذلك‪ ،‬جاءت رسالة‬
‫الله غير متعالية على إدراك الناس‬
 ‫وقت نزولها‪ ،‬فخاطبتهم على قدر‬

     ‫عقولهم‪ ،‬والتزمت موضوعيًّا‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138