Page 122 - merit 39 feb 2022
P. 122

‫العـدد ‪38‬‬                          ‫‪120‬‬

                                  ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫عن الفكاك من أسر التقليد التراثي‬   ‫المقاصد من النصوص من بعض‬           ‫قد استبطنت نفس الثنائية الفكرية‬
                ‫والإتيان بجديد‪.‬‬                       ‫الألفاظ مثل‪:‬‬      ‫حيث التفسيرات إما مع أو ضد‪،‬‬
                                                                         ‫«مقصود الشرع» بل إن سلاح‬
 ‫المشكلة الثالثة‪ :‬أحكام‬            ‫من أجل «من أجل ذلك كتبنا على‬       ‫إقصاء الآخر في هذا المبحث أقوى‬
   ‫الحدود هي حدود‬                      ‫بني إسرائيل» (المائدة‪.)٣٢ :‬‬        ‫وأمضى من غيره لأن مقصد‬
        ‫المقاصد‬                       ‫ولكي «كي لا يكون دولة بين‬
                                       ‫الأغنياء منكم» (الحشر‪.)٧ :‬‬     ‫الشرع هو مراد الشارع ومخالفته‬
   ‫هناك عدة تقسيمات للمقاصد‪،‬‬                                                           ‫خروج من المله‪.‬‬
    ‫فهناك الضروريات والمكملات‬       ‫ولام التعليل («لكن ليقضي الله‬
‫والتحسينيات‪ ،‬وكذلك هناك الكلية‬     ‫أم ًرا كان مفعولا» (الأنفال‪.)٤٤ :‬‬   ‫المشكلة الثانية‪ :‬تقييد‬
                                   ‫وكذلك “إن” إذا جاءت بعد الأمر‬          ‫الاستقراء وغياب‬
            ‫والجزئية والخاصة‪.‬‬                                                ‫الشمولية‬
      ‫غير أن هناك إجماع على أن‬       ‫أو النهي في مقام التعليل‪ ،‬وباء‬
 ‫هناك خمسة مقاصد كلية وكذلك‬                ‫السببية والفاء وغيرها‪..‬‬     ‫يقول فقهاء المقاصد إن الوصول‬
 ‫ضرورية‪ ،‬وهي ما قررها الغزالي‬             ‫وهكذا بطريقه تكاد تكون‬            ‫إلى مقاصد الشريعة يساعد‬

                                   ‫أوتوماتيكية لا عقل لها ولا قلب‪،‬‬      ‫على فهم النصوص‪ .‬فأين يمكن‬
                                        ‫بخلاف كونها رؤية تفتيتية‬              ‫استنباط المقاصد وكيف؟‬

                                    ‫تجزيئية لا تعتبر سيا ًقا للآيات‬    ‫إجابة العلماء لم تخرج عن تعديد‬
                                                 ‫وليس فيها تدبر‪.‬‬            ‫مصادر الأدلة الشرعية كما‬

                                      ‫أما النصوص غير المعللة فقد‬       ‫قررها السابقون‪ :‬القرآن‪ ،‬السنة‪،‬‬
                                     ‫اعتمدوا فيها آلية «الاستقراء»‪،‬‬       ‫الإجماع والقياس‪ .‬وحين يتم‬

                                       ‫غير أنهم بذلوا الجهد الجهيد‬      ‫التعامل مع تلك المصادر‪ ،‬يبحث‬
                                        ‫في التأكيد على أن الاستقراء‬      ‫العلماء عن «النصوص المعللة»‪،‬‬
                                     ‫ليس هو التفكير والعياذ بالله‪.‬‬
                                                                           ‫ثم يعتمدون علتها باعتبارها‬
                                               ‫فقال الدكتور أحمد‬         ‫من مقاصد الشرع القطعية بلا‬
                                               ‫الريسوني (‪)١٩٥٣‬‬           ‫خلاف‪ ،‬وذلك لكونها مستنبطة‬
                                                                      ‫من «نص لا تأويل له»‪ .‬ومن أمثلة‬
                                                    ‫في خطبته عن‬        ‫ذلك آية “ َيا َأ ُّي َها الَّ ِذي َن آ َم ُنوا ُكتِ َب‬
                                                  ‫«تقريب مصادر‬        ‫َع َل ْي ُك ُم ال ِّص َيا ُم َك َما ُكتِ َب َع َل الَّ ِذي َن‬
                                               ‫الشريعة»‪“ :‬مقاصد‬        ‫ِم ْن َق ْبلِ ُك ْم َل َعلَّ ُك ْم َتتَّ ُقو َن” (البقرة‪:‬‬
                                               ‫الشريعة لا تأتي إلا‬    ‫‪ ،)١٨٣‬وبها يستدل على أن مقصد‬
                                               ‫من داخل الشريعة‪،‬‬          ‫الشرع من الصيام هو التقوى‪.‬‬
                                            ‫فنحن لا نأتي بمقاصد‬       ‫وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
                                       ‫الشريعة من عقولنا وخيالنا‬        ‫“يا معشر الشباب‪ ،‬من استطاع‬
                                  ‫وافتراضاتنا‪ ،‬لا‪ ،‬هذا لا يصح ولا‬
                                   ‫يجوز‪ .‬إذ مقاصد الشريعة نطقت‬              ‫منكم الباءة‪ ،‬فليتزوج؛ فإنه‬
                                                                         ‫أحصن لل َف ْرج‪ ،‬وأغ ُّض للبصر”‬
                                                    ‫بها الشريعة»‪.‬‬      ‫(متفق عليه)‪ ،‬فمقصد الزواج هو‬
                                          ‫الاستقراء من وجهة نظر‬
                                     ‫فقهاء المقاصد هو نوع من رد‬                         ‫العفة‪ .‬وهكذا‪..‬‬
                                  ‫المتشابهات إلى المحكمات‪ ،‬والفروع‬    ‫بل تمادى «العلماء» في ذلك الكسل‬
                                   ‫إلى الأصول‪ ،‬والربط بين الأحكام‬
                                      ‫الجزئية لا أكثر‪ .‬وكان هذا في‬       ‫العقلي فقالوا‪ ،‬إنه يمكن معرفة‬
                                  ‫ظني مما قيد هذه الوسيلة ومنعها‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127