Page 110 - merit 39 feb 2022
P. 110

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪108‬‬

                                                    ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫وهو ما أبرزه كذلك الوصف الخارجي لـ»آنهيمالا»‬            ‫مشاعر الشخصية الرئيسة وأحاسيسها‪ ،‬لتعبر‬
   ‫التي كثَّفت تفاصيل ملامحها الجسدية من حالة‬           ‫بواسطة هذا الوصف عن الحالة الشعورية لها‪،‬‬
  ‫القهر التي عانت منها سواء في بلدها البعيد الذي‬      ‫وهي حالة الحزن والإحباط التي أُصيبت بها بعد‬
     ‫جاءت منه أو في بلدها الغريب الذي تخدم به‬           ‫فقدان الأم‪ ،‬فتقدم وص ًفا معبِّ ًرا عن هذا الضيق‬
    ‫في بيت إحدى العائلات الثرية‪ ،‬فعززت صفات‬              ‫يضم مفردات تدور أغلبها حول «العتمة» التي‬
  ‫الشخصية الخارجية إحساسها المرير بالانكسار‬
   ‫بسبب خيانة زوجها الذي يبدد أموالها وإساءة‬             ‫يفضلها بطل القصة المهزوم داخليًّا الذي ينبذ‬
 ‫سيدتها التي طردتها من المنزل لخطورة مرضها‪:‬‬                     ‫الضوء ويميل دائ ًما إلى سكون الظلام‪:‬‬
     ‫«كانت آمنة سمراء‪ ،‬بلون الشيكولا البنية‪،‬‬
   ‫نحيفة ج ًّدا‪ ،‬وقصيرة‪ ،‬لا يوجد أي جزء بارز‬          ‫«لم يكن الميل للعتمة لديه مجرد رغبة عابرة‪،‬‬
      ‫في جسدها‪ ،‬شعرها قصير‪ ،‬ملامحها أقرب‬               ‫يستجيب لها عبر الجلوس في ضوء شحيح‪،‬‬
   ‫إلى الغلام‪ ،‬لذا لا يمكن إعطاء سن محدد لها‪،‬‬       ‫فيما الستائر تحجب أي نور يمكن أن يتسلل من‬
                            ‫من الممكن أن تكون‬       ‫الخارج‪ .‬كان المشي في الزقاق المعتم يماثل لديه‬
                            ‫بين الثامنة عشرة‬        ‫متعة الاستسلام للعدم‪ ،‬واليقين أن أيامه تشبه‬
                           ‫والثلاثين»‪( .‬ص‪)17‬‬           ‫الخطوات الضيقة في الزقاق‪ ،‬نهايتها وشيكة‬
                           ‫كما كان وصف المرأة‬
                            ‫الخمسينية في قصة‬               ‫وستكون في مواجهة حائط أبيض مرتفع‬
                               ‫«مكعبات السكر»‬                     ‫وسميك‪ ،‬وقدري أي ًضا»‪( .‬ص‪)61‬‬
                          ‫مؤش ًرا مه ًّما على أزمة‬
                           ‫الشخصية وتحولاتها‬        ‫كما أسهم الوصف الحسي المباشر للشخصيات في‬
                         ‫الشعورية‪ ،‬ودا ًّل رئي ًسا‬  ‫تأكيد الحالة الشعورية لديها‪ ،‬فدعم البعد الجسدي‬
                       ‫على شخصيتها الاغترابية‬
                           ‫التي تتسم بمجموعة‬          ‫الجانب الوجداني للشخصيات التي تعاني أغلبها‬
                         ‫من السمات الجوهرية‪،‬‬             ‫من الاغتراب‪ ،‬فوصف «سلمى» ‪-‬في «صندوق‬
                        ‫لعل أبرزها التنافر وعدم‬
                          ‫الانسجام‪ ،‬وكذلك عدم‬          ‫كرتوني يشبه الحياة»‪ -‬بالوردة الملقاة بالقمامة‪،‬‬
                       ‫خضوعها لمجمل الشروط‬           ‫وتقديم المعلومات عنها صراحة عن طريق السارد‪،‬‬
                      ‫التي يتم فرضها ‪-‬قس ًرا‪-‬‬
                                   ‫من المجتمع‪:‬‬            ‫أعطى صورة متكاملة عن البيئة القبيحة التي‬
                      ‫«في تلك اللحظات خرجت‬          ‫نشأت داخلها وتسببت في قهرها‪ ،‬وأوضح الصفات‬
                          ‫امرأة شابة من مكتب‬
                         ‫المدير‪ ،‬كانت حام ًل في‬         ‫النفسية لها التي تدور حول شعورها بالوحدة‬
                      ‫شهورها الأخيرة‪ ،‬دخلت‬                             ‫الدائمة والاغتراب ع ّما حولها‪:‬‬
                         ‫وراء الحاجز الخشبي‬
                      ‫لتقف بجوار الشاب الذي‬             ‫«قامت إلى الحمام‪ ،‬تمليت من قوامها المعتدل‬
                        ‫انشغل في تلقي اتصال‬              ‫الأميل إلى الطول‪ ،‬كانت بيضاء تلك الدرجة‬
                           ‫هاتفي‪ .‬نظرت إليها‬          ‫من لون البشرة القشدي‪ ،‬شعرها طويل فاحم‬
                       ‫المرأة الحامل بلا مبالاة‪،‬‬         ‫السواد‪ .‬عيناها السوداوان ذكرتاني بشطر‬
                           ‫قلبت في نظرتها تلك‬         ‫بيت الشعر القائل «الوجه مثل الصبح مبيض‬
                                                    ‫والشعر مثل الليل مسود»‪ .‬وجنتاها مرتفعتان‪،‬‬
                                                        ‫وذقنها رقيق‪ ،‬شفتيها السفلى وردية وتتدلى‬
                                                    ‫قلي ًل إلى أسفل‪ .‬كانت ترتدي بنطلو ًنا من الجينز‬
                                                    ‫الضيق‪ ،‬وبلوزة ذات لون برتقالي شاحب‪ ،‬وهي‬
                                                    ‫عائدة كان نهداها يرتجان مع كل خطوة‪ ،‬خمنت‬
                                                      ‫أنها ترتدي حمالة صدر رخوة‪ ،‬تجعل ثدييها‬
                                                    ‫يتقافزان‪ .‬لم تكن تجاوزت الخامسة والعشرين‬
                                                         ‫من عمرها‪ ،‬على ما أظن‪ ،‬وكنت قد تجاوزت‬

                                                            ‫الخمسين بكثير من الأعوام»‪( .‬ص‪)9 ،8‬‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115