Page 162 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 162

‫العـدد ‪30‬‬                           ‫‪160‬‬

                             ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬                   ‫يكشفه مرضها لي حول سبل‬
                                                                       ‫بنائنا للحقيقة‪.‬‬
‫تحدثت إلا أقل القليل عن وحوى فراغات تتسق مع‬
                                                              ‫أعتقد أن من ليس لديهم‬
‫مرضي‪ ،‬وأن الناس ناد ًرا ما ذاكرة الصدمة‪.‬‬                    ‫خبرة كبيرة بالمرض العقلي‬
‫تكتبين عن إحساس بالدقة‬       ‫يسألونني عنه‪.‬‬                   ‫كثي ًرا ما يفوتهم استيعاب‬

‫مارين‪ :‬لقد أخبرتيني أن اللغوية أي ًضا‪ ،‬وتذكرين‬                   ‫هول الصدمة التي قد‬
‫الرغبة في تحديد الأمور دون‬                                 ‫يتسبب فيها الذهان من كلا‬
                             ‫«توصيل الأسلاك» يعد‬           ‫المنظورين‪ .‬وقد أدركت ذلك‬
                                                          ‫في كتاب ِك «توصيل الأسلاك»‪،‬‬
‫مذكرات‪ ،‬ولكن يمكن اعتباره غموض‪ ،‬وفي أحيان أخرى‬              ‫حيث لم تكتفي بالكتابة عن‬

‫أي ًضا «مقال غنائي»‪ ،‬كما تلاحظين أوجه قصور اللغة‪:‬‬            ‫حادثتك الشخصية عندما‬
‫يمكن اعتبار بعض فصول «ما شاهدناه كان عصيًّا‬               ‫أصاب ِك ذهان ما بعد الولادة‪،‬‬
‫كتاب «حافة الحياة اليومية» على التعبير اللفظي»‪ .‬نسعى‬      ‫وإنما كتب ِت أي ًضا عن مختلف‬

‫أي ًضا مقالات غنائية‪ ،‬واعتقد كلانا للإفصاح عما لا يتيسر‬      ‫أوجه معاناتك للتعامل مع‬
‫أن هذا الخيار جاء بالسليقة‪ ،‬النطق به‪.‬‬                       ‫هذه الذكريات الأليمة‪ ،‬على‬
                                                           ‫الرغم من مرور أربعة عشر‬
‫لأن هذا الشكل من أشكال مارين‪ :‬لا شك أنه على الرغم‬         ‫عا ًما‪ .‬وتكتبين بطريقة مؤثرة‬
                                                           ‫عن تلك اللحظة التي سألتك‬
‫الكتابة فيما يبدو ينقل أم ًرا من أن المرض العقلي الذي‬         ‫فيها صديقة عن مرضك‪،‬‬
 ‫ما جوهر ًّيا وإن كان غير أكتب عنه لم يكن خا ًّصا‬
‫بي‪ ،‬ولكنني كثي ًرا ما كنت‬    ‫ملموس عن المرض العقلي‬            ‫فتقولين‪« ،‬أتحدث برتابة‬
‫أخشى على عقلي ذاته‪ .‬فمن‬      ‫والصدمة النفسية على حد‬            ‫امرأة لم تعد قادرة على‬
                             ‫سواء‪ .‬فلماذا اختر ِت أن‬      ‫التواصل الكامل مع الأشباح‬
‫الأمور التي تهدد ثبات المرء‬                                  ‫التي تقف خلف الكلمات»‪.‬‬
                                                              ‫سارة‪ :‬لقد دهشت عندما‬
‫تكتبي كتابك بهذا الشكل؟ واستقراره أن تشهد الذهان‬              ‫اتضح لي أنني لم أكن قد‬

‫وأنت غض صغير‪ ،‬وأظل‬           ‫سارة‪ :‬في أغلب الأحيان‬

‫تدفقت الكتابة بهذا الشكل‪ :‬حتى يومنا هذا عرضة‬
‫نت ٌف من الذاكرة‪ ،‬واسكتشات لعدم الثبات هذا‪ .‬لذا فإن‬

‫لوالدي‪ ،‬ولقطات من طفولتي‪ .‬كتابة الأمر يقدم لي مرتك ًزا‪،‬‬
‫وتذكرة بأنني قادرة على‬       ‫لقد وجد كتابي لنفسه‬
‫شك ًل دون تخطيط مسبق تحديد ما هو حقيقي‪ ،‬فأظل‬

‫من جانبي‪ ،‬مع وجود أثر على اتصال به‪.‬‬

‫لا ريب فيه لكتاب آخرين‪ .‬وما يبهرني أنك معالجة‬
‫لقد أعجبت بمذكرات بعض مرخص لها‪ ،‬أي أن خبرا ِتك‬

‫الشعراء بشكل عام ‪-‬مثل بالمرض العقلي تأتيك من‬

‫تجارب شخصية وأي ًضا‬          ‫جون جوردان‪ ،‬ومارك‬
‫دوتي‪ ،‬وبانو كابيل‪ -‬وذلك مهنية‪ .‬وقد ذكر ِت أن‬

‫بسبب الاستخدام اللغوي «توصيل الأسلاك» في نهاية‬

‫الدقيق والاقتصادي‪ ،‬وكذلك المطاف كتاب عن «التأمل‬

‫بفضل تجريبهم بالشكل‪ .‬في عملية الاحتواء»‪ ،‬فما‬

‫كما أنني أعتبر اللغة أصوا ًتا‪ ،‬الذي ترين أنه كان بحاجة‬
‫للاحتواء‪ ،‬أو يظل بحاجة‬          ‫وكثي ًرا ما أقرأ كتاباتي‬
                  ‫إليه؟‬      ‫لنفسي بصوت عا ٍل‪ .‬وكما‬
‫كان الحال مع ِك‪ ،‬فقد وجدت سارة‪ :‬بصفتي كاتبة‪ ،‬فإنني‬

‫أن شكل كتابي قد عكس أعمل بذات الأسلوب تقريبًا‬
‫الطبيعة المتشرذمة للذهان‪ ،‬الذي أتبعه بصفتي معالجة‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167