Page 167 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 167

‫حول العالم ‪1 6 5‬‬

  ‫كارلا إلى منزل شقيقاتها في‬           ‫المنتظمين‪ .‬أجاب الكتاب‬     ‫الجزر العديدة خارج الدوائر‬
                   ‫باليرمو‪.‬‬        ‫سلبًا ‪-‬بدا وكأنه من مسافة‬       ‫السياحية‪ .‬قالت له المضيفة‬
                                   ‫بعيدة‪ -‬وبعد تفادي المفاجأة‬       ‫أثناء تناولهم المشروب في‬
 ‫ذهب ماريني للعيش في فندق‬            ‫الفاضحة لرئيس مع اثنين‬         ‫روما‪« :‬لن تستمر لخمس‬
 ‫بالقرب من ساحة نافونا(‪،)4‬‬        ‫من السكرتارية‪ ،‬ذهب لتناول‬         ‫سنوات»‪« .‬اسرع إذا كنت‬
                                 ‫الطعام في مطعم الشركة حيث‬
    ‫حيث كانت توجد مكتبات‬                                              ‫تخطط للذهاب‪ ،‬ستكون‬
  ‫قديمة؛ كان يسلي نفسه على‬                ‫كانت كارلا تنتظره‪.‬‬      ‫الحشود هناك في أي لحظة‪،‬‬
                                    ‫خيبة أمل كارلا الحائرة لم‬      ‫فجنجيز كوك يشاهد»‪ .‬لكن‬
     ‫مضض بالبحث عن كتب‬                ‫تزعجه على الإطلاق؛ كان‬     ‫ماريني ظل يفكر في الجزيرة‪،‬‬
   ‫عن اليونان‪ ،‬ويتصفح دليل‬          ‫الساحل الجنوبي لزيروس‬         ‫وينظر إليها كلما تذكرها‪ ،‬أو‬
  ‫المحادثة من وقت لآخر‪ .‬كان‬           ‫غير صالح للسكن‪ ،‬ولكن‬      ‫عندما تكون هناك نافذة قريبة‪،‬‬
‫مستمت ًعا بكلمة « كاليميرا»(‪)5‬‬        ‫باتجاه الغرب كانت هناك‬     ‫ودائ ًما ما يفرد كتفيه للنهاية‪.‬‬
   ‫وتدرب عليها في ملهى ليلى‬                                     ‫لم يكن لكل من هذا أى معنى‪،‬‬
   ‫مع فتاة صهباء ونام معها‪،‬‬           ‫آثار لمستعمرة ليديان أو‬
                                  ‫ربما كريتوميسين(‪ ،)3‬وكان‬           ‫فالطيران ثلاث مرات في‬
     ‫وسمع عن جده في بلدية‬                                        ‫الأسبوع ظه ًرا فوق زيروس‪،‬‬
  ‫أودو(‪ )6‬وعن التهاب الحلق‬           ‫البروفيسور جولدمان قد‬
                                  ‫وجد حجرين منحوتين باللغة‬         ‫كان غير واقعي مثل الحلم‬
    ‫الذي لا يمكن تفسيره‪ .‬في‬                                           ‫ثلاث مرات في الأسبوع‬
      ‫روما‪ ،‬وفي بيروت كانت‬            ‫الهيروغليفية استخدمهما‬         ‫بأنك تحلق فوق زيروس‬
                                  ‫الصيادون كدعامات لرصيف‬
    ‫تانيا تنتظره دائ ًما‪ ،‬وكانت‬    ‫المرفأ الصغير‪ .‬شعرت كارلا‬       ‫عند الظهيرة‪ .‬كل شيء كان‬
   ‫هناك قصص أخرى‪ ،‬دائ ًما‬                                          ‫زي ًفا في الرؤية غير المجدية‬
     ‫إما الأقارب أو الألم؛ ذات‬         ‫بألم في رأسها وغادرت‬
                                       ‫على الفور تقريبًا؛ كانت‬       ‫والمتكررة‪ .‬ربما باستثناء‬
     ‫يوم ذهب مرة أخرى إلى‬             ‫الأخطبوطات هي المصدر‬         ‫الرغبة في تكرارها‪ ،‬والنظر‬
    ‫خط طهران‪ ،‬الجزيرة عند‬        ‫الرئيسي لعدد قليل من سكان‬         ‫إلى ساعة اليد قبل الظهيرة‪،‬‬
 ‫الظهيرة‪ .‬ظل ماريني ملتص ًقا‬     ‫الجزيرة‪ ،‬وكان كل خمسة أيام‬       ‫والتلامس القصير الحاد مع‬
  ‫بالنافذة لفترة طويلة لدرجة‬      ‫يصل قارب لتحميل الأسماك‬       ‫الشريط الأبيض المفعم بالحياة‬
   ‫أن المضيفة الجديدة عاملته‬      ‫وترك بعض المؤن والبضائع‪.‬‬       ‫على حافة زرقاء شبه سوداء‪،‬‬
     ‫كرفيق سيئ وجعلته َي ُع ُّد‬     ‫أخبروه فى وكالة السفر أنه‬    ‫والمنازل التي كان الصيادون‬
 ‫الأطباق التي كان يخدمها‪ .‬في‬        ‫يجب استئجار قارب خاص‬           ‫فيها بالكاد يرفعون أعينهم‬
‫تلك الليلة‪ ،‬دعا ماريني المضيفة‬      ‫من رينوس‪ ،‬أو ربما يمكنه‬      ‫للاستمرار على وتيرة حياتهم‬
      ‫لتناول الطعام في فيروز‬       ‫السفر في الفلوكة التي تجمع‬
  ‫أباد(‪ ،)7‬لم يكن من الصعب‬        ‫الأخطبوطات‪ ،‬لكن هذا الأخير‬            ‫فى هذا الخيال الآخر‪.‬‬
‫عليهما أن يتسامحا عن شرود‬          ‫لم يكن يعلمه سوي ماريني‬        ‫بعد ثمانية أو تسعة أسابيع‪،‬‬
 ‫الذهن الذى حدث فى الصباح‪.‬‬             ‫فقط في رينوس حيث لا‬      ‫عندما اقتراحوا عليه العمل على‬
   ‫نصحته لوثيّا بقص شعره‬             ‫يوجد مراسل للوكالة على‬     ‫خط نيويورك بكل مزاياه‪ ،‬قال‬
‫على الطريقة الأمريكية؛ تحدث‬         ‫تلك الجزيرة‪ .‬على أية حال‪،‬‬     ‫لنفسه إنه قد حانت الفرصة‬
  ‫معها عن زيروس لفترة من‬           ‫فإن فكرة قضاء بضعة أيام‬
   ‫الوقت‪ ،‬لكنه أدرك بعد ذلك‬        ‫في الجزيرة لم تكن أكثر من‬          ‫لوضع حد لهذا الهوس‬
    ‫أنها تفضل فودكا الليمون‬        ‫خطة لقضاء عطلة يونيو‪ .‬في‬     ‫الساذج والمزعج‪ .‬كان في جيبه‬
  ‫من فندق هيلتون‪ .‬مر الوقت‬       ‫الأسابيع التي تلت ذلك‪ ،‬كان لا‬
    ‫على أشياء من هذا القبيل‪،‬‬      ‫بد من استبدال وايت على خط‬         ‫الكتاب الذي قدم فيه عال ٌم‬
   ‫على صواني طعام لا حصر‬         ‫تونس‪ ،‬ثم بدأ إضراب وعادت‬       ‫جغراف ٌّي غام ٌض له اسم شرقى‬
     ‫لها‪ ،‬كل منها بالابتسامة‬
 ‫التي يستحقها الراكب‪ .‬خلال‬                                           ‫تفاصيل أكثرعن زيروس‬
                                                                       ‫أكثر من التى قد تكون‬

                                                                    ‫موجوده بدليل المسافرين‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172