Page 169 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 169

‫حول العالم ‪1 6 7‬‬

   ‫النقطة السوداء على اليسار‬            ‫لكن الهواء كان دائ ًما نقيًّا‬
  ‫‪-‬عند حافة البحر‪ -‬إنما هي‬           ‫ج ًّدا والبحر يقطعها بكل هذه‬
  ‫صياد كان ينظر إلى الطائرة‪.‬‬         ‫القسوة الدقيقة للغاية‪ ،‬لدرجة‬
 ‫«كاليميرا!» اعتقد مارينى بكل‬
   ‫سخافة‪ .‬لم يعد من المنطقي‬             ‫أن أصغر التفاصيل كانت‬
   ‫الانتظار أكثر من ذلك‪ ،‬فقد‬           ‫تتكيف بلا هوادة مع ذاكرة‬
 ‫أقرضه ماريو ميروليس المال‬              ‫تلك الفقرة السابقة‪ :‬البقعة‬
  ‫الذي يحتاجه للرحلة‪ ،‬في أقل‬
                                         ‫الخضراء على ذلك النتوء‬
     ‫من ثلاثة أيام سيكون في‬          ‫الصخري فى الشمال‪ ،‬المنازل‬
  ‫زيروس‪ .‬ابتسم وهو ملصق‬
                                        ‫الرصاصية اللون‪ ،‬الشباك‬
    ‫بشفتيه على زجاج النافذة‪،‬‬        ‫تجف على الرمال‪ .‬عندما كانت‬
‫وكل ما كان يدور فى خلده أنه‬         ‫الشبكات مفقودة‪ ،‬كان ماريني‬
 ‫سيصعد إلى البقعة الخضراء‪،‬‬
                                      ‫يشعر كما لو كان هناك فقر‬
   ‫وأنه سيدخل بحر الخلجان‬                ‫أ َ َّل بالجزيرة‪ ،‬إنها تقريبًا‬
‫الشمالية عار ًيا‪ ،‬وأنه سيصطاد‬
                                      ‫إهانة‪ .‬ف َّكر في تصوير طريق‬
       ‫الأخطبوط مع الرجال‪،‬‬          ‫الجزيرة‪ ،‬لكى يتمكن من تكرار‬
 ‫متفاهمين مع بعضهم البعض‬
                                      ‫مشاهدة الصورة في الفندق‪،‬‬
        ‫بالإشارات والضحك‪.‬‬                 ‫لكنه فضل توفير أموال‬
    ‫لم يكن هناك شيء صعب‬
   ‫بمجرد اتخاذه القرار‪ ،‬قطار‬            ‫الكاميرا لأنه لم يكن أمامه‬
    ‫ليلي‪ ،‬أو قارب درجة أولى‪،‬‬            ‫سوى شهر حتى الإجازة‪.‬‬
   ‫أو قارب آخر قديم متسخ‪،‬‬               ‫لم يكن يتتبع الأيام كثي ًرا؛‬
    ‫توقف الطائرة في رينوس‪،‬‬            ‫في بعض الأحيان كانت تانيا‬
     ‫المفاوضات التي لا تنتهي‬            ‫في بيروت‪ ،‬وأحيا ًنا فيليسا‬
   ‫مع ُر َّبان الفلوكة‪ ،‬الليلة على‬   ‫في طهران‪ ،‬وشقيقها الأصغر‬
    ‫الجسر‪ ،‬ملتص ًقا بالنجوم‪،‬‬           ‫دائ ًما في روما تقريبًا‪ ،‬الأمر‬
‫مذاق اليانسون ولحم الضأن‪،‬‬                ‫برمته كان ضبابيًّا بعض‬
  ‫الشروق بين الجزر‪ .‬هبط في‬             ‫الشيء‪ ،‬سه ًل بشكل لطيف‬
    ‫أول ضوء‪ ،‬و َق َّدمه القبطا ُن‬    ‫وودو ًدا‪ ،‬وكأنه يستبدل شيئًا‬
     ‫إلى رجل عجوز لا بد أنه‬           ‫بآخر‪ ،‬يملأ ساعات الانتظار‬
  ‫كان بطريرك الجزيرة‪ .‬أخذه‬           ‫التي سبقت الرحلة أو بعدها‪،‬‬
    ‫كلايوس من يده اليسرى‬                ‫وفي الرحلة كل شيء كان‬
‫وتحدث ببطء‪ ،‬ونظر في عينيه‪.‬‬          ‫أي ًضا غام ًضا وسه ًل وسخي ًفا‪،‬‬
    ‫جاء صبيَّان وفهم ماريني‬
     ‫أنهما أبناء كلايوس‪ .‬كان‬              ‫حتى حان وقت الذهاب‬
    ‫ُر َّبان الفلوكة يستنفد لغته‬     ‫للانحناء على النافذة الخلفية‪،‬‬
 ‫الإنجليزية‪ :‬عشرين شخ ًصا‪،‬‬
    ‫أُ ْخ ُطبوطات‪ ،‬صيد السمك‪،‬‬           ‫الإحساس بالزجاج البارد‬
    ‫خمسة منازل‪ ،‬إيطالي زائر‬          ‫كما لو كان على حافة حوض‬
    ‫يدفع لكلايوس ثمن إقامة‪.‬‬         ‫للأسماك حيث كانت السلحفاة‬
 ‫ضحك الصبيان عندما تحدث‬              ‫الذهبية تتحرك ببطء في اللون‬

                                                 ‫الأزرق الكثيف‪.‬‬
                                     ‫في ذلك اليوم‪ُ ،‬ر ِس َمت الشباك‬
                                    ‫بدقة على الرمال‪ ،‬وكان بإمكان‬
                                      ‫ماريني أن يقسم على أن تلك‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174