Page 166 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 166

‫العـدد ‪30‬‬                        ‫‪164‬‬

                                  ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

                                  ‫الجزيرة عند الظهيرة‬

  ‫يسعدن بالذهاب إلى الشرق‬              ‫الطماطم‪ ،‬لكن في مؤخرة‬             ‫في المرة الأولى التي رأى‬
   ‫أو رؤية إيطاليا‪ .‬بعد أربعة‬        ‫الطائرة سمح لنفسه لبضع‬           ‫فيها الجزيرة‪ ،‬كان ماريني‬
  ‫أيام‪ ،‬بينما كان يساعد صبيًّا‬      ‫ثوا ٍن بالنظر إلى الأسفل مرة‬     ‫ينحنى بكل أدب نحو المقاعد‬
    ‫فقد ملعقته وبدا بائ ًسا من‬    ‫أخرى‪ .‬كانت الجزيرة صغيرة‬            ‫الموجودة إلى اليسار‪ ،‬مرتبًا‬
   ‫طبق الحلوى‪ ،‬ظهرت حافة‬              ‫منعزلة‪ -‬وقد أحاطها بحر‬       ‫الطاولة البلاستيكية قبل إعداد‬
‫الجزيرة مرة أخرى‪ .‬كان هناك‬        ‫إيجه(‪ )1‬باللون الأزرق الغامق‬         ‫صينية الغداء‪ .‬وبينما كان‬
    ‫فارق قدره بثماني دقائق‪،‬‬         ‫الذي يهيج على أطرافه اللون‬       ‫يمر ذها ًبا وإيا ًبا بمجلات أو‬
   ‫ولكن عندما اتكأ على نافذة‬       ‫الأبيض المبهر وكأنه متحجر‪،‬‬          ‫أكواب من الويسكي كانت‬
   ‫في مؤخرة الطائرة‪ ،‬لم يكن‬        ‫ومن هناك تبدو الجزيرة كما‬       ‫المسافرة ترمقه بنظارتها مرات‬
 ‫لديه شك؛ كان للجزيرة شكل‬                                             ‫عديدة؛ كان ماريني يتباطأ‬
 ‫لا لبس فيه‪ ،‬كانت كسلحفاة‪،‬‬            ‫لو كانت رغوة تتكسرعلى‬           ‫في تعديل الطاولة‪ ،‬متسائ ًل‬
  ‫بالكاد ُتب ِرزساقيها من الماء‪.‬‬   ‫الشعاب المرجانية والخلجان‪.‬‬       ‫بشكل مثير للملل عما إذا كان‬
    ‫نظر إليها حتى استدعوه‪،‬‬                                            ‫الأمر يستحق الرد على تلك‬
  ‫هذه المرة تيقن من أن البقعة‬         ‫رأى ماريني أن الشواطئ‬           ‫النظرة الملحة للراكبة ‪-‬إنها‬
  ‫ذات اللون الرصاصى كانت‬            ‫المهجورة تمتد شما ًل وغر ًبا‪،‬‬     ‫أمريكية من بين الكثيرات‪-‬‬
‫عبارة عن مجموعة من المنازل؛‬                                         ‫حينما دخل من خلال النافذة‬
 ‫تمكن من تمييز تلك الصورة‬             ‫ومن الأشياء الأخرى التى‬          ‫البيضاوية الزرقاء ساحل‬
 ‫لبعض الحقول المزروعة التي‬          ‫رآها كان الجبل وكأنه غارق‬          ‫الجزيرة والشريط الذهبي‬
   ‫امتدت حتى الشاطئ‪ .‬أثناء‬                                            ‫للشاطئ والتلال التي كانت‬
 ‫توقف الطائرة في بيروت نظر‬            ‫في البحر‪ .‬جزيرة صخرية‬          ‫تعلو باتجاه الهضبة المُق ِفرة‪.‬‬
     ‫فى قاموس أطلس لإحدى‬             ‫مهجورة‪ ،‬على الرغم من أن‬
    ‫المضيفات وتساءل عما إذا‬                                             ‫قام مارينو بتعديل مكان‬
  ‫كانت الجزيرة ليست جزيرة‬              ‫الرقعة الرصاصية اللون‬         ‫كوب البيرة الموضوع بشكل‬
  ‫حورس‪ .‬تفاجأ عامل الراديو‬         ‫الموجودة بالقرب من الشاطئ‬        ‫خاطىء‪ ،‬وابتسم للراكبة‪ .‬قال‬
                                  ‫الشمالي قد تكون منز ًل‪ ،‬وربما‬      ‫«إنها الجزر اليونانية»‪ .‬ردت‬
     ‫من اهتمامه بالأمر‪ ،‬وهو‬         ‫مجموعة من المنازل البدائية‪.‬‬    ‫الأمريكية باهتمام زائف‪« :‬أوه!‬
     ‫فرنسي غير مبا ٍل‪« .‬تبدو‬      ‫بدأ ميرينى بفتح علبة العصير‪،‬‬
     ‫كل تلك الجزر متشابهة‪،‬‬        ‫وبينما هو يعتدل من انحناءته‬          ‫نعم‪ ،‬إنها اليونان»‪ -‬قالتها‬
  ‫منذ عامين وأنا أقوم بالعمل‬      ‫اختفت الجزيرة من النافذة؛ لم‬                ‫باللغة الانجليزية‪.‬‬
     ‫على هذا الخط ولا تهمني‬        ‫يبق سوى البحر‪ ،‬أف ٌق أخضر‬
     ‫كثي ًرا‪ .‬نعم‪ ،‬اعرضها عليَّ‬   ‫لا نهاية له‪ .‬نظر إلى ساعة يده‬          ‫رن جرس لفترة وجيزة‬
      ‫في المرة المقبلة»‪ .‬لم تكن‬    ‫دون أن يعرف السبب‪ .‬كانت‬         ‫حينها استقام مضيف الطائرة‬
   ‫جزيرة حورس وإنما كانت‬                                            ‫دون أن تتلاشى من فمه ذي‬
   ‫جزيرة زيروس(‪ ،)2‬إحدى‬                       ‫الظهيرة بالضبط‪.‬‬       ‫الشفاه الرقيقة تلك الابتسامة‬
                                    ‫لقد أحب ماريني أنهم عينوه‬      ‫المهنية‪ .‬بدأ يتعامل مع زوجين‬
                                     ‫فى خط روما‪ -‬طهران‪ ،‬لأن‬
                                  ‫المناظر الطبيعية كانت أقل كآبة‬         ‫سوريين يريدان عصير‬

                                     ‫مما كانت عليه في الخطوط‬
                                  ‫الشمالية‪ ،‬وكانت الفتيات دائ ًما‬
   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171