Page 170 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 170

‫العـدد ‪30‬‬                               ‫‪168‬‬

                                          ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬                          ‫كلايوس عن الدراخما(‪.)9‬‬
                                                                           ‫وكذلك ماريني‪ ،‬أصبح بالفعل‬
     ‫التل‪ .‬كان المنحدر شاهق‬                ‫تمكن من تخيل أخيه وفليسا‬
      ‫الارتفاع وتسلق متذو ًقا‬             ‫وتعبيرات وجههما عندما علما‬            ‫صديقهم‪ ،‬بينما ينظر إلى‬
   ‫كل ارتفاع‪ ،‬ويستدير مرا ًرا‬             ‫أنه قد مكث ليعيش على الصيد‬           ‫شروق الشمس فوق بحر‬
    ‫وتكرا ًرا لينظر إلى الشباك‬                                                ‫أقل ظلمة من الهواء‪ ،‬غرفة‬
 ‫على الشاطئ‪ ،‬وإلى ظل النساء‬                 ‫على صخرة منعزلة‪ .‬كان قد‬          ‫صغيرة ونظيفة‪ ،‬إبريق ماء‪،‬‬
     ‫اللاتى كانت تتحدثن بكل‬                ‫نسيهم بالفعل عندما استدار‬          ‫رائحة ال َم ِري ِم َيّ ُة(‪ )10‬والجلد‬
 ‫حماس إلى إيوناس وكلايوس‬                                                    ‫المدبوغ‪ .‬وتركوه وحده حتى‬
      ‫ويرمقنه بطرف أعينهن‪،‬‬                      ‫للسباحة نحو الشاطئ‪.‬‬
                                              ‫جففته الشمس على الفور‪،‬‬            ‫يقوموا بتحميل الفلوكة‪،‬‬
                  ‫ضاحكات‪.‬‬                     ‫ونزل باتجاه المنازل حيث‬        ‫وبعد أن خلع ملابس السفر‬
       ‫عندما وصل إلى البقعة‬               ‫نظرت إليه امرأتان بذهول قبل‬       ‫بشكل متهور وارتدى بنطال‬
      ‫الخضراء‪ ،‬دخل إلى عالم‬                 ‫أن يركض ليغلق على نفسه‪.‬‬        ‫السباحة والصندل‪ ،‬بدأ يتجول‬
 ‫حيث تفوح منه رائحة الزعتر‬                  ‫ل َّوح بالتحية فى الهواء ونزل‬  ‫في الجزيرة‪ .‬لم ُي َري أح ٌد بعد‪،‬‬
   ‫ال َم ِري ِم َيّ ُة وكأنها مادة واحدة‬    ‫نحو الشباك‪ .‬كان أحد أبناء‬       ‫كانت الشمس تفرض زخمها‬
   ‫اختلطت مع حرارة الشمس‬                  ‫كلايوس ينتظره على الشاطئ‪،‬‬        ‫ببطء ونمت رائحة خفية قادمة‬
   ‫ونسيم البحر‪ .‬نظر ماريني‬                ‫وأشار إليه ماريني نحو البحر‬
      ‫إلى ساعة يده‪ ،‬ثم خلعها‬                                                   ‫من الأدغال‪ ،‬وحمض قليل‬
    ‫من معصمه بشكل متلهف‬                                     ‫داعيًا إياه‪.‬‬       ‫ممزوج باليود فى الرياح‪.‬‬
     ‫ووضعها في جيب بنطال‬                   ‫تردد الصبي في إظهار بنطاله‬
 ‫السباحة‪ .‬لن يكون من السهل‬                ‫المصنوع من القماش وقميصه‬               ‫لا بد أنها كانت الساعة‬
   ‫قتل الرجل العجوز‪ ،‬لكن في‬                                                 ‫العاشرة صبا ًحا عندما وصل‬
 ‫مكان مرتفع هناك‪ ،‬مجه ًدا من‬                  ‫الأحمر‪ .‬ثم ركض إلى أحد‬         ‫إلى الجرف الشمالي وتع ّرف‬
‫الشمس وال ُبعد‪ ،‬شعر أن المهمة‬                ‫المنازل وعاد شبه عا ٍر‪ .‬ألقا‬
  ‫ممكنة‪ .‬لقد كان في زيروس‪،‬‬                  ‫بنفسيهما م ًعا في بحر دافئ‬         ‫على أكبر الخلجان‪ .‬آثر أن‬
  ‫حيث كان يشك مرات عديدة‬                    ‫بالفعل‪ ،‬متلألئ تحت شمس‬           ‫يكون بمفرده على الرغم من‬
   ‫في أنه يمكن أن يصل إليها‪.‬‬                                                  ‫أنه كان يود السباحة أكثر‬
  ‫سقط إلى الوراء مستلقيًا بين‬                   ‫الساعة الحادية عشرة‪.‬‬
‫الحجارة الساخنة‪ ،‬وأخذ يقاوم‬                  ‫بعد أن ج َّفا على الرمال بدأ‬      ‫على الشاطئ الرملي‪ .‬غزت‬
    ‫زواياها البارزة وخصريه‬                 ‫إيوناس بتسمية الأشياء‪ .‬قال‬         ‫الجزيرة قلبه واستمتع بها‬
      ‫المحترقين‪ ،‬ونظر بشكل‬                 ‫ماريني‪« :‬كاليميرا»‪ ،‬وضحك‬         ‫بحميمي ٍة ج َّمة فلم يكن قاد ًرا‬
  ‫عمودي إلى السماء؛ جاء من‬                 ‫الصبي حتى الانحناء مرتين‪.‬‬        ‫على التفكير أو الاختيار‪ .‬كان‬
     ‫بعيد صوت أزيز المحرك‪.‬‬                 ‫بعد أن كرر ماريني العبارات‬          ‫جلده يحترق من الشمس‬
   ‫أغمض عينيه‪ ،‬وقال لنفسه‬                    ‫الجديدة‪ ،‬علَّم يوناس بعض‬      ‫والريح عندما تجرده من ثيابه‬
     ‫إنه لن ينظر إلى الطائرة‪،‬‬                ‫الكلمات الإيطالية‪ .‬في الأفق‬     ‫ليقفز من صخرة في البحر؛‬
    ‫وأنه لن يسمح لنفسه بأن‬                  ‫تقريبًا‪ ،‬كانت الفلوكة تغادر‬      ‫كان الماء بار ًدا وقد أبلى بلا ًء‬
‫تتلوث بأسوأ ما في نفسه بأنه‬                 ‫متلاشية شيئًا فشيئًا؛ شعر‬         ‫حسنًا‪ .‬ترك نفسه لتنجرف‬
   ‫سوف يمر مرة أخرى فوق‬                   ‫ماريني أنه أصبح الآن وحي ًدا‬     ‫به التيارات الغادرة إلى مدخل‬
‫الجزيرة‪ .‬لكن في ضوء الجفون‬                ‫ح ًّقا على الجزيرة مع كلايوس‬
   ‫المتلاشي‪ ،‬تخيل فيليسا مع‬                                                     ‫مغارة‪ ،‬عاد إلى الشاطئ‪،‬‬
‫صواني الطعام‪ ،‬في تلك اللحظة‬                                   ‫وابنيه‪.‬‬         ‫مستلقيًا على ظهره‪ ،‬راضيًا‬
‫بالذات تقوم بتوزيع الصواني‪،‬‬                ‫ستمضى بضعة أيام‪ ،‬ويدفع‬             ‫كل الرضا عن عملية توافق‬
‫واستبدالها‪ ،‬ربما خيورخيو أو‬               ‫ثمن غرفته‪ ،‬ويتعلم الصيد؛ في‬
                                            ‫فترة ما بعد الظهيرة‪ ،‬عندما‬          ‫واحدة والتى كانت أي ًضا‬
                                                                            ‫تسمي ًة لما هو مقبل‪ .‬وقد علم‬
                                              ‫عرفوه جي ًدا‪ ،‬كان يتحدث‬      ‫دون أدنى شك بأنه لن يغادر‬
                                              ‫معهم حول البقاء والعمل‬
                                             ‫معهم‪ .‬نهض وهو يمد يده‬              ‫الجزيرة‪ ،‬وأنه بطريقة ما‬
                                           ‫إلى إيوناس ومشي ببطء نحو‬         ‫سيبقى في الجزيرة إلى الأبد‪.‬‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175