Page 175 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 175

‫حول العالم ‪1 7 3‬‬

  ‫من ذلك وجدت نفسها في‬             ‫الرحلة في كل سنة وفي‬          ‫سمعتها مصادفة تحكي‬
    ‫ارتباك كامل دون إرادة‬            ‫الحادي والثلاثين من‬          ‫كلامي لجدتي ضاحكة‪.‬‬
                                                               ‫أخي ًرا قمنا أنا وأبي برحلة‬
 ‫منها‪ ،‬فقد كنت جالسة على‬          ‫مارس أفضل أيام الجليد‬
‫أرضية المنزل محشورة بين‬                     ‫على الإطلاق»‪.‬‬            ‫التزلج تلك‪ .‬في اليوم‬
‫الدولاب الكبير وسرير أمي‬                                            ‫الحادي والثلاثين من‬
                                  ‫أخبرني ألا أرتدي حقيبة‬         ‫مارس حيث تصبح حالة‬
   ‫أنتحب وأرفض الخروج‪،‬‬            ‫الظهر أب ًدا في القطار‪ ،‬كي‬     ‫الجليد رائعة للتزلج‪ ،‬تلك‬
    ‫على الرغم من محاولات‬                                         ‫حقيقة يؤكدها كل خبراء‬
    ‫أمي وجدتي وجدي كل‬              ‫لا أصدم بها الناس كل‬         ‫التزلج عبر البلاد‪ ،‬وما إن‬
                                     ‫حين‪ .‬وقبل أن أستقل‬         ‫نزلنا من القطار حتى قال‬
     ‫بدوره مستخد ًما كافة‬      ‫القطار أنقلها من على ظهري‬          ‫أبي بدهشة لا تخلو من‬
‫الوسائل والطرق‪ ،‬بداي ًة من‬      ‫وأحملها أمامي أو أسحبها‬         ‫ارتياح‪« :‬أشاهد ِت كل هذا‬
‫الرشوة ومرو ًرا بالتهديدات‬         ‫من إحدى أحزمتها حال‬
                                     ‫كانت ثقيلة‪ ،‬حتى أنها‬                      ‫الجليد؟!»‪.‬‬
     ‫وانتها ًء بإعادة طمأنتي‬    ‫أصبحت عادة‪ ،‬فكلما أركب‬           ‫وضعنا زلاجتينا داخلين‬
     ‫بمحبة أبي لي‪ ،‬لإقناعي‬     ‫القطار أخلع الحقيبة من على‬      ‫إلى الغابات‪ ،‬لكننا لم نتزلج‬
                                ‫ظهري مهما كانت صغيرة‪.‬‬            ‫طوي ًل بسبب أن الجليد‪،‬‬
                 ‫بالخروج‪.‬‬          ‫كان هذا الدرس الوحيد‬         ‫وعلى الرغم من كونه نقيًا‬
   ‫ب َنت أولجا موقفها بشكل‬         ‫الذي تعلمته من أبي في‬          ‫لام ًعا‪ ،‬إلا أنه كان شديد‬

       ‫مختلف تما ًما عن أية‬                        ‫الحياة‪.‬‬          ‫اللزوجة‪ ،‬فبعد دقائق‬
       ‫طرق اتبعتها عائلتي‪،‬‬           ‫حينما عدت إلي البيت‬         ‫طويلة كانت طبقة لا تقل‬
   ‫مشت بخطى متقطعة في‬             ‫تلك الليلة قلت لأمي‪« :‬أنا‬      ‫عن بوصتين قد أحكمت‬
  ‫غرفة النوم وكأن شيئًا لم‬       ‫أحب أبي أكثر منك»‪ .‬كان‬           ‫التعلق بزلاجتينا‪ ،‬لذا لم‬
 ‫يحدث‪ .‬كأنني لم أكن أهتز‬          ‫هذا ح ًّقا هو ما أشعر به‪،‬‬      ‫نستطع التزلج في حقيقة‬
‫بمكاني بوجه محتقن يغطيه‬          ‫لكني لا أعرف أي شيطان‬           ‫الأمر‪ .‬وقد اضطررنا إلى‬
  ‫المخاط‪ .‬أعلنت بكل بساطة‬        ‫وسوس لي لأشاركها هذا‬            ‫المشي بالزلاجات كما لو‬
    ‫أننا سنصنع آيس كريم‬          ‫الشعور‪ .‬ربما كنت ألومها‬      ‫كنا نرتدي أحذية عالية‪ .‬كما‬
‫بالبرتقال‪ .‬وقفت وفي إحدي‬         ‫بسبب فشلها في الاحتفاظ‬       ‫أننا لم نر أية حيوانات‪ .‬على‬
    ‫يديها شنطة من الشبك‬              ‫بأبي‪ .‬من الجائز أنها‬     ‫الرغم من كل ما فات إلا أنه‬
     ‫مليئة بالبرتقال وبيدها‬        ‫تلومني أي ًضا على نفس‬
     ‫الأخرى قالب كبير من‬           ‫الشيء‪ ،‬على أية حال لو‬                  ‫ظل يو ًما رائ ًعا‪.‬‬
‫أفضل أنواع الآيس كريم في‬           ‫تملكها الندم على كل ما‬      ‫علمني أبي كيف أصنع نار‬
‫موسكو بنية البدء في العمل‪.‬‬        ‫عانته في العلاج لإنجابي‬       ‫التخييم في الثلوج‪ ،‬أعددنا‬
‫لم يكن لد َّى القوة أو الرغبة‬                                   ‫الشاي بواسطة الثلج بد ًل‬
 ‫في مناقشتها‪ ،‬بالإضافة إلي‬               ‫لتفهمت ذلك ح ًّقا‪.‬‬     ‫من الماء‪ ،‬شربناه متحلقين‬
 ‫أنني لم أصنع أو آكل حتى‬           ‫في العام التالي تصادف‬
   ‫آيس كريم بالبرتقال من‬        ‫أن كانت أولجا في موسكو‬                ‫حول النار‪ ،‬نضحك‬
  ‫قبل‪ ،‬ولا يمكن أن أقول لا‬        ‫في الحادي والثلاثين من‬      ‫كالمجانين حتى كان الواحد‬
   ‫لشيء كهذا أب ًدا‪ .‬خرج ُت‬       ‫مارس أي ًضا‪ ،‬ظلت ُتمني‬
  ‫زاحفة من مكاني وكل ما‬          ‫النفس بقضاء وقت هادئ‬              ‫منا يفقد اتزانه ساق ًطا‬
 ‫في الأمر أن قالت لي أولجا‪:‬‬          ‫معنا تتمكن خلاله من‬               ‫بظهره على الثلوج‪.‬‬
 ‫«اغسلي وجهك يا عزيزتي‪،‬‬         ‫إخبار أمي عن ساشا‪ ،‬بد ًل‬
    ‫لا نريد المخاط أن يغطي‬                                       ‫بطريق عودتنا إلي المنزل‬
                                                                  ‫قال أبي‪« :‬سنقوم بتلك‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180