Page 177 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 177

‫حول العالم ‪1 7 5‬‬

 ‫يشغل أولجا بالطاولات أو‬            ‫هز جدي رأسه في ذهول‪:‬‬              ‫القبلات مع هذا الرجل!‬
   ‫الكراسي؟ إن ما يشغلها‬             ‫«مسكين زوجها‪ ..‬مجرد‬             ‫قالت أمي‪« :‬حسنًا‪ ..‬هذه‬
   ‫لهو شيء واحد‪ ..‬ساشا‪.‬‬           ‫أن تخونه فتلك كارثة‪ ..‬لكن‬         ‫ليست كل القصة‪ ..‬حبيب‬
      ‫لكن هل تنشغل أيضا‬              ‫أن تخونه مع رجل أصم‬              ‫أولجا أصم وأعمى»‪ .‬في‬
     ‫بزوجها؟ بالطبع هناك‬                                          ‫تلك اللحظة اضطرت جدتي‬
                                                    ‫وأعمى!»‪.‬‬      ‫للجلوس‪ ،‬بينما سأل جدي‪:‬‬
 ‫عاطفة واحترام بينهما! إنه‬          ‫همست جدتي‪« :‬لا اختيار‬             ‫كيف يمكن لشخص أن‬
 ‫لشيء مؤلم أن تكذب عليه‪.‬‬                                             ‫يكون أص ًما وأعمى م ًعا؟‬
                                       ‫لنا فيمن نحب»‪ .‬فردت‬
     ‫في بعض الأحيان وقت‬                 ‫أمي‪« :‬إنها واحدة من‬             ‫ردت أمي‪« :‬ببساطة‪..‬‬
    ‫تعود بالقطار لي ًل تجده‬         ‫نزواتها‪ ..‬سأعطيها شه ًرا‬          ‫لا يستطيع أن يري ولا‬
    ‫ينتظرها بمحطة القطار‬            ‫على الأكثر»‪ .‬ولكن بالطبع‬
     ‫وبيده باقة صغيرة من‬             ‫لم يكن الأمر مجرد شهر‬               ‫يستطيع أن يسمع»‪.‬‬
‫الورود‪ ..‬وهذا الأمر يعذبها‪.‬‬       ‫أو حتى ستة أشهر أو حتى‬               ‫وهذا ما حدا بي للبدء‬
                                                                     ‫في الضحك‪ ،‬لقد ضحكت‬
        ‫«هذا الرجل يقتلني‬                    ‫أحد عشر شه ًرا‪.‬‬        ‫وضحكت وضحكت حتى‬
 ‫بطيبته»‪ ..‬قالت لنا أمي تلك‬             ‫لم نر أولجا طوال هذا‬          ‫اضطرت أمي لصفعي‪.‬‬
                                   ‫الوقت‪ ،‬لم تأ ِت إلى موسكو‬        ‫ما زالت هناك أسئلة عدة‪،‬‬
    ‫الجملة ساخرة‪ ،‬مقتبسة‬              ‫في الغالب وحينما فعلت‬           ‫فمث ًل تساءل جدي‪ :‬هل‬
  ‫إياها من رواية (الجندب)‬              ‫قضت أغلب الوقت مع‬           ‫ساشا بكامل قواه العقلية؟‬
  ‫لتشيكوف‪ ،‬هذا ما لم أكن‬            ‫ساشا‪ ،‬لكنها كانت تتصل‬             ‫ردت أمي‪« :‬بل أكثر من‬
                                        ‫بأمي كل حين وحين‪،‬‬          ‫كونه بكامل قواه العقلية‪..‬‬
      ‫أعرفه في ذلك الوقت‪.‬‬           ‫يتحدثان وقتًا طوي ًل ج ًّدا‪،‬‬       ‫فهو حاصل على درجة‬
    ‫لم يكن لدى زوج أولجا‬            ‫بينما نحن بالانتظار يكاد‬          ‫الدكتوراه في الفلسفة»‪.‬‬
    ‫أية شكوك على الإطلاق‪،‬‬         ‫أن يفتك بنا الفضول لنعرف‬
                                     ‫خلاصة تلك المكالمة‪ .‬وما‬                 ‫تساءلت جدتي‪:‬‬
      ‫وهذا الأمر لم تستطع‬           ‫إن تنهي أمي المكالمة حتى‬       ‫‪ -‬أين ومتى قابلته أولجا؟‬
       ‫أولجا استيعابه أب ًدا‪.‬‬         ‫تقول‪« :‬الواضح أن تلك‬
‫زوجته تعشق شخ ًصا آخر‬                 ‫العلاقة ما زالت قائمة»‪.‬‬          ‫‪ -‬منذ شهر مضى في‬
   ‫بجنون بينما هو لا يرى‬              ‫وقت انتوت أولجا ذلك‪،‬‬        ‫مؤتمر حول فلسفة الإدراك‬
‫أية إشارات لذلك‪ .‬في أحيان‬            ‫كانت تتوسل إلى مديرها‬
‫تكون غاضبة لأن هذا يعني‬             ‫ليرسلها في رحلة عمل إلي‬            ‫بسان بطرسبرغ‪ .‬كان‬
     ‫بدقة أنه لا يعرف عنها‬            ‫موسكو‪ .‬وهو بدوره لم‬           ‫ساشا المتحدث الرئيسي‪.‬‬
   ‫شيئًا‪ ،‬أحيا ًنا أخرى تفقد‬        ‫يفعل ذلك دون رشوة‪ .‬في‬           ‫تساءل جدي‪« :‬متحدث؟!‬
‫صوابها تو ُّد لو تؤذيه بدنيًّا‬      ‫مرة تعطيه تذاكر للمسرح‬          ‫كيف؟!»‪ .‬ردت أمي‪« :‬بلغة‬
‫كأن تصفعه على وجهه بتلك‬            ‫ومرة أخرى تعطيه زجاجة‬
                                  ‫كونياك غالية الثمن‪ ،‬في مرة‬          ‫الإشارة يا أبي!»‪ .‬فعاد‬
             ‫الباقة البائسة‪.‬‬       ‫طلب منها أن تعطيه دورها‬         ‫وتساءل‪« :‬كيف؟!»‪ .‬نظرت‬
 ‫في مرة قالت أمي إن لديها‬              ‫على قائمة انتظار شراء‬
 ‫نظرية بشأن اختيار أولجا‬             ‫كراسي مستوردة لغرفة‬                ‫أمي إليه بغيظ كما لو‬
                                                                   ‫كانت تريد أن تصفعه كما‬
    ‫لهذا الأصم الأعمى‪ .‬هذا‬                           ‫السفرة‪.‬‬      ‫صفعتني‪ ،‬لكن بد ًل من ذلك‬
    ‫ليس حبًّا حقيقيًّا‪ ..‬لطالما‬         ‫على أية حال‪ ،‬ما الذي‬      ‫جاوبته‪« :‬تأخذ كف شخص‬
‫رغبت أولجا بطفل‪ ،‬لذا ظلت‬
‫تبحث حتى عثرت على رجل‬                                                ‫وتلمسها بطريقة معينة‪،‬‬
  ‫يعتمد عليها اعتما ًدا كليًّا‪..‬‬                                   ‫كل مجموعة من الحركات‬
 ‫كطفل‪ ..‬ألا ترون ذلك؟! لقد‬
                                                                      ‫تعطيك معاني مختلفة»‪.‬‬
   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182