Page 176 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 176

‫العـدد ‪30‬‬                              ‫‪174‬‬

                              ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬                           ‫الآيس كريم»‪ .‬دون أية‬
                                                                  ‫إشارة لحالتي البائسة‪.‬‬
     ‫ساشا»‪ .‬أثار هذا الأمر‬      ‫قبل خروجهم أخي ًرا‪ .‬بدت‬        ‫وإليكم طريقة صنع الآيس‬
     ‫انتباهنا بشدة‪ ،‬شهقت‬         ‫أولجا باكية وأمي كما لو‬
‫جدتي و َتسمر جدي بمكانه‬          ‫كانت مصدومة‪ .‬لكني لم‬                    ‫كريم بالبرتقال‪:‬‬
                              ‫أكن لأهتم بغير الآيس كريم‬               ‫عليك أو ًل أن تشطر‬
         ‫حام ًل كأسي نبيذ‪.‬‬                                          ‫البرتقال‪ ،‬ثم تخلي كل‬
 ‫أشارت جدتي بقصد تنبيه‬                         ‫بالبرتقال‪.‬‬        ‫نصف بحرص ناز ًعا عن‬
 ‫أمي بوجودي مراقبة لهم‪،‬‬         ‫لم يكن بالأمر المحبط‪ ،‬فقد‬        ‫فصوصه القشرة واللب‪،‬‬
‫إلا أن أمي هزت كتفها دون‬      ‫بدا الآيس كريم في كؤوسه‬         ‫ثم تقطعها مربعات صغيرة‬
  ‫اهتمام‪ ،‬فلم يكن لديها أي‬    ‫المستديرة غنيًّا بكريستالاته‬        ‫وتخلطها بالآيس كريم‪،‬‬
‫اعتراض على ما أقرأ أو على‬                                          ‫تسكب الخليط بالملعقة‬
                                  ‫البرتقالية اللامعة مثل ًجا‬          ‫في أنصاف البرتقال‬
    ‫مشاهدة أفلام الكبار أو‬          ‫لدرجة تؤلم أصابعك‪.‬‬              ‫الفارغة‪ ،‬ترش أعلاها‬
    ‫سماع أحاديث النميمة‪.‬‬                                       ‫ببشر الشيكولاتة‪ ،‬وتضعه‬
  ‫على الرغم من أني لم أكن‬     ‫حاولت صنعه أكثر من مرة‬            ‫(بالفريزر)‪ ،‬غير أن صغر‬
‫أعرف أي شيء عن الجنس‬             ‫كالكبار‪ ،‬لكن في كل مرة‬        ‫حجم الفريزر وعدم وجود‬
 ‫إلا أني أستطيع تفهم طرق‬          ‫كان يخرج مائ ًعا شديد‬         ‫مساحة كافية به اضط َّرنا‬
   ‫المحبين؛ أشخاص يقعون‬                                       ‫أن نخرج مؤقتًا منه دجاجة‬
 ‫في حب أشخاص بينما هم‬         ‫السيولة وفي غاية السخف‪.‬‬              ‫كاملة وقالبًا من شحم‬
    ‫متزوجون من أشخاص‬           ‫على الرغم من كل ما سبق‬
  ‫آخرين‪ ،‬حينما يحدث ذلك‬                                                         ‫الخنزير‪.‬‬
‫يكون لديهم الرغبة في تقبيل‬         ‫ظللت أحسبه رائ ًعا‪ ،‬بل‬          ‫قالت أولجا‪ :‬ساعة على‬
  ‫أحبتهم بد ًل من أزواجهم‪،‬‬    ‫اعتبرته أفضل طعم تذوقته‬            ‫الأقل حتى يتجمد الآيس‬
‫لذا عليهم أن يكذبوا حتى لا‬                                        ‫كريم‪ .‬كانت قراءة كتاب‬
‫يتسببوا في جرح لأزواجهم‪.‬‬         ‫على الإطلاق‪ ،‬فاحتضنت‬           ‫هي أفضل طريقة وجدتها‬
‫معظم الأفلام التي نشاهدها‬         ‫أولجا بكل ما أوتيت من‬       ‫لأقتل هذا الوقت‪ .‬كان جدي‬
  ‫والكتب على أرفف مكتبتنا‬                                        ‫راق ًدا على الكنبة وجدتي‬
  ‫تعتمد هذه الحبكة المثيرة‪،‬‬                         ‫عزم‪.‬‬      ‫تعد العشاء‪ ،‬بينما كانت أمي‬
     ‫وعليه فقد افترضت أن‬         ‫كم تمنيت لو كانت لي أم‬          ‫وأولجا تتبادلان الحديث‬
   ‫هذا الموقف عادل بما فيه‬     ‫أكثر شب ًها بأولجا‪ :‬ودودة‪،‬‬
     ‫الكفاية‪ .‬كم هذا محبط‪،‬‬       ‫جميلة‪ ،‬تفوح منها رائحة‬                     ‫بغرفة النوم‪.‬‬
‫فبنفس اللحظة يبدأ المحبون‬                                      ‫أما أنا فقد أخرجت الكتاب‬
‫البكاء والصراخ‪ ،‬وقد يصل‬              ‫البرتقال‪ ،‬وأقل شب ًها‬
 ‫الأمر للعراك بالأيدي‪ ،‬لكن‬      ‫بأمي في غضبها وخسارة‬                 ‫وجلست على سجادة‬
                                                                 ‫غرفة المعيشة أقرأه‪ ،‬وما‬
        ‫هذا ما يحدث دائ ًما‪.‬‬       ‫شعرها‪ .‬كنت قد بلغت‬             ‫إن مرت عشر دقائق أو‬
  ‫في الحقيقة لقد جمعت ما‬       ‫الثامنة آنذاك ولم يعد لد ّي‬      ‫شيء من هذا القبيل حتى‬
                               ‫احتمال للقسوة‪ ،‬لذا قررت‬             ‫طرقت باب غرفة النوم‬
    ‫يكفي من أفكار تجعلني‬       ‫ألا أشارك تلك المشاعر مع‬         ‫سائلة‪« :‬أمرت الساعة؟!»‪.‬‬
      ‫أشك أن هذا بالتحديد‬                                         ‫صرخت عليَّ أمي‪« :‬لا‪..‬‬
     ‫ما حدث لأبي وحدا به‬                            ‫أمي‪.‬‬       ‫اذهبي بعي ًدا»‪ .‬لقد استغرق‬
     ‫لمغادرتنا‪ .‬والآن هذا ما‬     ‫بمجرد أن غادرت أولجا‬           ‫الأمر مني أربع محاولات‬
       ‫يحدث لأولجا أي ًضا‪،‬‬      ‫وبينما كان جدي وجدتي‬
      ‫فتساءلت‪ :‬هل تبادلت‬
                                      ‫يضعان الأطباق في‬
                                  ‫أماكنها‪ ،‬وكنت منشغلة‬
                                    ‫ببناء قلعة من كؤوس‬
                                   ‫البرتقال الفارغة‪ ،‬قالت‬
                                ‫أمي‪« :‬سأخبركم بشيء‪..‬‬
                                ‫لكن عليكم الجلوس أو ًل‪..‬‬

                                    ‫لأولجا حبيب ويدعي‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181