Page 255 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 255

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فن تشكيلي‬

     ‫الرسم شعٌر صام ٌت‪..‬‬

‫تأملات في شعرية لوحات سمر لاشين‬

     ‫الفنان العراقي يحيى الشيخ‬

 ‫اللوحة يتطلب توافقه مع الألوان‬       ‫والأنيق في ذات الوقت‪ ،‬قرأت أنه‬         ‫يحيى الشيخ الشاعر والفنان‬
    ‫التي تجاوره‪ ،‬فاللون الأبيض‬        ‫شغا ٌل على هذا المشروع من سنة‬
                                      ‫وأنجز ثلثه وينتظر عامين آخرين‬                ‫التشكيلي العراقي ابن جيل‬
  ‫عندما يجاور أحد الألوان يعطيه‬        ‫لإكماله وهو فيه يرسم مصيره‬           ‫الستينيات الذي أحرق أيامه وأعاد‬
‫قوة‪ ،‬بينما الأسود يقلل من قيمته‪،‬‬
                                        ‫ويقدم محصلة لغته التشكيليّة‬           ‫انتاج نفسه مما تبقى من رماد؛‬
  ‫والرمادي يجعله أكثر وضو ًحا؛‬                              ‫والأدبيّة‪.‬‬        ‫لم يتبعه في المنافي لمدة ‪ 45‬عا ًما‬
  ‫فإذا كنا هنا نتحدث عن لوحات‬                                                 ‫غير ظله‪ ،‬ظله الذي يذكره دائ ًما‬
   ‫يتجاور فيها الأبيض والأسود‬         ‫أنا امرأ ٌة مغرم ٌة باللونين الأبيض‬     ‫أنه ترك شيئًا ما وراءه لم يكمله‬
   ‫والرمادي فيكون الأبيض بذلك‬            ‫والأسود ور َّبما هذا سبب من‬         ‫وتركه ناق ًصا‪ .‬شيئًا يقلق مخياله‬
‫يعطى قوة للأسود الذي يقلل من‬                                                   ‫دائ ًما ويجعله يخاف النهايات‪،‬‬
  ‫قيمته ويأتي دور الرمادي الذي‬        ‫أسباب انجذابي لأعماله الأخيرة‪،‬‬
  ‫يقف على الحياد و يصف ظلهما‬          ‫وهذا السحر وهذه المتعة والتّم ّكن‬          ‫النهايات التي تسبقها أحداث‬
                                       ‫في تجريد الواقع وال ّذات والتقاط‬      ‫رمادية‪ ،‬تفاصيل رمادية‪ ،‬وفشل‬
     ‫م ًعا ليجعل الأمور أكثر ثبا ًتا‬
                     ‫ووضو ًحا‪.‬‬         ‫أدق التفاصيل‪ ،‬أنا لس ُت رسامة‬                          ‫رمادي أي ًضا‪.‬‬
                                        ‫لكني شاعرة أش ُّم ال َّشعر حتى‬          ‫تستوقفني لوحات الشيخ كما‬
   ‫«ال ّرسم شع ٌر صام ٌت‪ ،‬وال ّشعر‬    ‫وإن تن ّك َر وغيّر هيئته في لوحا ٍت‪.‬‬       ‫يستوقفني شعره‪ ،‬وكثي ًرا ما‬
 ‫رس ٌم متكلم»‪ ..‬هكذا قال بلوتارخ‬                                             ‫قرأت النصوص المرافقة للوحات‬
                                          ‫رسومات يحيى الشيخ شع ٌر‬           ‫وتأمل ُت كثي ًرا شاعريته في الرسم‬
   ‫المؤرخ الإغريقي‪ ،‬ر ّبما لن أجد‬         ‫خال ٌص؛ عليك أن تكون حذ ًرا‬         ‫وال ّشعر‪ ،‬للشيخ تجربة رصينة‬
  ‫مثا ًل حيًّا أستشهد به على مدى‬      ‫وأن َت تطي ُل النظر إليها لأنها بكل‬     ‫وواعيّة‪ ،‬هو يعلم تما ًما ما يفعله‬
 ‫صدق وصحة هذه المقولة أفضل‬                                                    ‫ويخطط مسب ًقا ولسنوا ٍت قادم ٍة‬
‫من يحيى الشيخ‪ ،‬هذا شاع ٌر ُخلق‬                ‫تأكيد ستسحب َك داخلها‪.‬‬
  ‫لكي يكون شاع ًرا لا شيئًا أخر‪،‬‬        ‫لقد أدرك ليوناردو دافنشي أن‬               ‫ما ينوي القيام به فلوحاته‬
   ‫حين يرسم فهو يكتب قصيدة‬             ‫اهتمام الفنان بالألوان إنما يفتح‬     ‫الأخيرة بالأبي ِض والأسو ِد والتي‬
                                        ‫له ألوا ًنا عديدة‪ ،‬وأبوا ًبا فسيحة‬
     ‫قد يستغرق في رسمها أيا ًما‪،‬‬                                                 ‫يغزوها جيش الرمادي الممل‬
                                          ‫وجديدة‪ ،‬فإن وضع لو ًنا على‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260